فعلى الرواية الأولى: يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة، فتكون الأعمال تضاعفُ بعشر أمثالِها إلى سبعمائَةِ ضعفٍ إلا الصوم، فإنه لا ينحَصرُ تضعيفه، بل يضاعِفه الله أضعافًا كثيرةً. فإن الصيام من الصبر، وقد قال الله تعالى:
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .
ولهذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: «شهر رمضان شهر الصبر» وعنه أنه قال: «الصوم نصف الصبر» رواه الترمذي.
والصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، وتجتمع الثلاثة كلها في الصوم. وتقدم في حديث سلمان: «هو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة» وروى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعًا: «الصيام لله، لا يعلم ثوابه إلا الله» .
واعلم أن مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب.
منها: شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل، كالحرم، ولذلك تضاعف الصلاة في مسجديْ مكة والمدينة، كما ثبت في الصحيح «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام» وفي رواية «فإنه أفضل» ولذلك روي أن الصيام يضاعف بالحرم. وفي سنن ابن ماجه بإسناد ضعيف. عن ابن عباس مرفوعًا: «من أدرك رمضان بمكة فصامه وقام منه ما تيسر: كتب الله له مائة