نام کتاب : نزهة المجالس ومنتخب النفائس نویسنده : الصفوري جلد : 2 صفحه : 80
من بئر فار الماء إلى أعلاه ولقد دخلنا إلى واد الوحوش فيه كثيرة فإذا نحن بسبع عظيم قد جمع نفسه ليثبت علينا فلما نظر إلى أخينا محمد صلى الله عليه وسلم تقدم وخضع له ورمى نفسه على الأرض وتكلم بكلام فصيح وقال السلام عليك يا محمد وتقدم إليه وكلمه في أذنه فذهب الأسد يعدو فقالت يا بني اكتم هذا عن أهلك ثم عطفت الأغنام عليها تشخب لبنا وهي كالعرائس وكان محمد يخرج مع إخوته كعادته فما يرجعون إلا وقد رأوا له معجزات وآيات بينات ثم في بعض الأيام جاء أخوه يشتد عدوا وقال يا أماه قتل أخي القرشي فخرج القوم وأنا في أولهم فوجدناه على صخرة يتبسم فقلت ما شأنك يا بني قال جاءني ثلاثة نفر فشقوا صدري وأخرجوا منه خط الشيطان وختموا بين كتفي بخاتم النبوة قال العلائي مكتوب في باطن الخاتم الله وحده لا شريك له وفي ظاهرة توجه حيث شئت فإنك منصور وهو لحم مثل البندقة في صحيح البخاري كبيضة الحمامة في جامع الترمذي كالتفاحة وقالت عائشة كالتينة الصغيرة فلما مات صلى الله عليه وسلم التمسته فلم أجده ... فائدة: قال السبكي خلق الله في قلوب البشر علقة قابلة لما يلقيه الشيطان فأزيلت من قلب النبي صلى الله عليه وسلم قالت حليمة فاحتملناه وقدمنا به إلى أمه في السنة الخامسة فقالت ما أقدمك به وقد كنت حريصة على مكثه عندك فقالت أديت خدمته وكتمت قصته فقالت أتخوفت عليه الشيطان قالت نعم قالت كلا والله ما للشيطان عليه سبيل دعيه عنك وانطلقي راشدة فخرجت حليمة ولسان حالها يقول:
دعوني على الأحباب أبكى وأندب ... في القلب من نار الفراق تلهب
ولا تعتبوني إن خرجت أدمعي دما ... فليس لصب فارق الألف متعب
لقد جرح التفريق قلبي بنبله ... فمن دمها دمعي على الخد يسكب
أأحبابيا ما باختياي فراقكم ... ولكن قضاء الله ما فيه مهرب
وما كان ظني الدهر يفرق بيننا ... وسرعة هذا البين ما كنت أحسب
أجول بطرفي بعدكم في دياركم ... فأرجع والنيران في القلب تلهب
ثم جاءت حليمة بعد النبوة فأكرمها ثم جاءت خلافة أبي بكر وخلافة عمر فأكرمها قاله في الشفاء في السنة السادسة من عمره ماتت أمه آمنة بين مكة والمدينة ودفنت بمكة وفي ثمان سنين مات جده عبد المطلب وفي اثنتي عشرة سنة رآه بحيرة الراهب لما خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام وفي خمس وعشرين خرج في تجارة خديجة إلى الشام وتزوج بها وسيأتي في مناقبه في الأربعين أرسله الله تعالى للعالمين رحمة وأطلع في أفق السعادة نجمه وشرح بالرسالة صدره ورفع في الشهادتين ذكره ورفعه إلى المحل الأسنى فكان قاب قوسين أو أدنى وكان صلى الله عليه وسلم عظيم الهامة معتدل القامة طيب الريح والشم نظيف البدن والجسم أطيب ريحا من العنبر وأزكى رائحة من المسك الأزفر يرى الشيطان والملائكة يرى في النور كما يرى في الظلمة الحالكة جوامع كلمه مأثورة وبدافع حكمه منثورة عيون معانيه منسجمة ودور ألفاظه منتظمة أنزل الله القرآن بلسانه تعظيما لأمره وشأنه يصل من قطعه ويعطي من منعه ويبذل لمن حرمه
نام کتاب : نزهة المجالس ومنتخب النفائس نویسنده : الصفوري جلد : 2 صفحه : 80