responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 9
مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ
الشَّيْخُ محمد جمال الدين القاسمي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نَحْمَدُكَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ عَلَى مَا أَكْمَلْتَ لَنَا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَنُصَلِّي وَنُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّ الْهُدَى وَالرَّحْمَةِ، الْمَبْعُوثِ بِالْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَإِمَامِ الْمُرْشِدِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَتْبَاعِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مَوْعِظَةَ الْعَامَّةِ وَالتَّصَدِّيَ لِإِرْشَادِهِمْ فِي الدُّرُوسِ الْعَامَّةِ مِنَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الْمَنُوطَةِ بِخَاصَّةِ الْأُمَّةِ، إِذْ هُمْ أُمَنَاءُ الشَّرْعِ وَنُورُ سِرَاجِهِ، وَمَصَابِيحُ عُلُومِهِ وَحُفَّاظُ سِيَاجِهِ. وَكَانَ السَّلَفُ يُمْلُونَ مِمَّا وَقَرَ فِي صُدُورِهِمْ مَا يَرَوْنَهُ أَمَسَّ بِحَالِهِمْ وَزَمَنِهِمْ وَمَكَانِهِمْ، وَلَمَّا امْتَدَّ الْفُتُوحُ فِي الْإِسْلَامِ ابْتُدِئَ بِجَمْعِ الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ لِلْأَنَامِ، ثُمَّ اتَّسَعَ الْعُمْرَانُ وَعَظُمَتِ الْحَضَارَةُ، فَأَخَذَ يَنْمُو التَّفْرِيعُ وَالتَّخْرِيجُ وَالِانْبِسَاطُ فِي الْفُنُونِ عَلَى نِسْبَتِهَا فِي الْغُزَاةِ، وَاسْتَبْحَرَتْ فِي فُنُونِ الْعِلْمِ الْأَسْفَارُ، وَدَبَّتْ لِمُقْتَطِفِهِ مَبَاحِثُهُ الْكِبَارُ، وَصَارَ الْمُعَوَّلُ فِي بَثِّهِ عَلَيْهَا، وَالْمَلْجَأُ فِي تَعَرُّفِ حَقَائِقِهِ عَلَيْهَا، وَتَنَوَّعَتْ فِي كُلِّ فَنٍّ مُصَنَّفَاتُهُ، وَزَخَرَتْ مِنْ كُلِّ بَحْثٍ مُؤَلَّفَاتُهُ، حَتَّى حَارَ طَالِبُهُ فِي انْتِقَاءِ الْأَحْسَنِ، وَاسْتَوْقَفَ كَثْرَتَهَا نَظَرُهُ فِي تَخَيُّرِ الْأَتْقَنِ، وَأَصْبَحَ التَّبَصُّرُ فِي أَجْوَدِهَا عُنْوَانَ الذَّكَاءِ، وَالْوُقُوفُ عَلَى أَنْفَعِهَا آيَةَ النَّبَاهَةِ وَالِارْتِقَاءِ. وَلَمَّا كَانَتْ عِظَةُ الْعَوَامِّ بِإِيقَافِهِمْ عَلَى جَوَاهِرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَإِعْلَامِهِمْ مَحَاسِنَ الدِّينِ وَوَاجِبَاتِهِ، وَنَوَافِلَهُ وَمَحْظُورَاتِهِ، وَمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ، وَيَزْجُرُ عَنْهُ مِنَ الْمَسَاوِئِ الذَّمِيمَةِ، لِيَرْتَقُوا إِلَى مَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ وَنَجَاحُهُمْ، فَيَفُوزُوا بِمَا فِي الِاعْتِصَامِ بِهِ سَعَادَتُهُمْ وَفَلَاحُهُمْ مِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ وَآكَدِ الْمَفْرُوضَاتِ، لِمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى الْخَيْرِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَيَقِفُ الْمَدْعُوُّونَ عَلَى شَرَائِعِهِ تَعَالَى فِيمَا أَمَرَ وَزَجَرَ، وَوَعَدَ وَأَوْعَدَ وَبَشَّرَ وَأَنْذَرَ، فَلَزِمَ الدَّاعِيَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَجْتَهِدَ بِفِطْنَتِهِ لِمَا يُعِينُهُ فِي دَعْوَتِهِ، فَيَنْتَخِبُ مِنَ الْمُدَوَّنَاتِ أَنْفَعَهَا، وَيَنْتَقِي مِنْ لُبَابِ لُبَابِهَا أَرْفَعَهَا، إِذْ كَثِيرٌ مِمَّا اعْتِيدَ فِي الْمَحَافِلِ تَدْرِيسُهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَى بِنَاءِ إِفَادَةِ الْعَامَّةِ تَأْسِيسُهُ، وَلَا بُرْهَانَ بَعْدَ عِيَانٍ.

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست