responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 80
[يس: 77] فَيَتَأَمَّلُ هَذِهِ الْعَجَائِبَ لِيَتَرَقَّى مِنْهَا إِلَى أَعْجَبِ الْعَجَائِبِ وَهُوَ الصَّنْعَةُ الَّتِي مِنْهَا صَدَرَتْ هَذِهِ الْأَعَاجِيبُ، فَلَا يَزَالُ يَنْظُرُ إِلَى الصَّنْعَةِ وَيَرَى الصَّانِعَ.
وَأَمَّا أَحْوَالُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَإِذَا سَمِعَ مِنْهَا أَنَّهُمْ كُذِّبُوا وَضُرِبُوا وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ ثُمَّ سَمِعَ نُصْرَتَهُمْ فِي آخِرِ الْأَمْرِ فَهِمَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِرَادَتَهُ لِنُصْرَةِ الْحَقِّ.
وَأَمَّا أَحْوَالُ الْمُكَذِّبِينَ كَعَادٍ وَثَمُودَ وَمَا جَرَى عَلَيْهِمْ فَلْيَكُنْ فَهْمُهُ مِنْهُ اسْتِشْعَارَ الْخَوْفِ مِنْ سَطْوَتِهِ وَنِقْمَتِهِ، وَلْيَكُنْ حَظُّهُ مِنْهُ الِاعْتِبَارَ فِي نَفْسِهِ.
السَّادِسُ: التَّخَلِّي عَنْ مَوَانِعِ الْفَهْمِ: فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ مُنِعُوا عَنْ فَهْمِ الْقُرْآنِ لِأَسْبَابٍ وَحُجُبٍ أَسْدَلَهَا الشَّيْطَانُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَعُمِّيَتْ عَلَيْهِمْ عَجَائِبُ أَسْرَارِ الْقُرْآنِ.
وَمِنْ حُجُبِ الْفَهْمِ أَنْ يَكُونَ الْهَمُّ مُنْصَرِفًا إِلَى تَحْقِيقِ الْحُرُوفِ بِإِخْرَاجِهَا عَنْ مَخَارِجِهَا وَهَذَا يَتَوَلَّى حِفْظَهُ شَيْطَانٌ وُكِّلَ بِالْقُرَّاءِ لِيَصْرِفَهُمْ عَنْ فَهْمِ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا يَزَالُ يَحْمِلُهُمْ عَلَى تَرْدِيدِ الْحُرُوفِ يُخَيِّلُ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَخْرَجِهِ، فَهَذَا يَكُونُ تَأَمُّلُهُ مَقْصُورًا عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ فَأَنَّى تَنْكَشِفُ لَهُ الْمَعَانِي، وَأَعْظَمُ ضَحِكَةٍ لِلشَّيْطَانِ مَنْ كَانَ مُطِيعًا لِمِثْلِ هَذَا التَّلْبِيسِ.
السَّابِعُ التَّخْصِيصُ: وَهُوَ أَنْ يُقَدِّرَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِكُلِّ خِطَابٍ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنْ سَمِعَ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا قَدَّرَ أَنَّهُ الْمَنْهِيُّ وَالْمَأْمُورُ، وَإِنْ سَمِعَ وَعْدًا أَوْ وَعِيدًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ سَمِعَ قَصَصَ الْأَوَّلِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ عَلِمَ أَنَّ السَّمَرَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ أَنْ تَعْتَبِرَ بِهِ وَتَأْخُذَ مِنْ بِضَاعَتِهِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَمَا مِنْ قِصَّةٍ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا وَسِيَاقُهَا لِفَائِدَةٍ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: (مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) [هُودٍ: 120] فَلْيُقَدِّرِ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ ثَبَّتَ فُؤَادَهُ بِمَا قَصَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْوَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَصَبْرِهِمْ عَلَى الْإِيذَاءِ وَثَبَاتِهِمْ فِي الدِّينِ لِانْتِظَارِ نَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَكَيْفَ لَا يُقَدِّرُ هَذَا وَالْقُرْآنُ مَا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَسُولِ اللَّهِ خَاصَّةً بَلْ هُوَ شِفَاءٌ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ وَنُورٌ لِلْعَالَمِينَ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَافَّةَ بِشُكْرِ نِعْمَةِ الْكِتَابِ فَقَالَ تَعَالَى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ) [الْبَقَرَةِ: 231] وَإِذَا قَصَدَ بِالْخِطَابِ جَمِيعَ النَّاسِ فَقَدْ قَصَدَ الْآحَادَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [الْأَنْعَامِ: 19] .
قَالَ " محمد القرظي ": مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَكَأَنَّمَا كَلَّمَهُ اللَّهُ " وَإِذَا قَدَّرَ ذَلِكَ لَمْ يَتَّخِذْ دِرَاسَةَ الْقُرْآنِ عَمَلَهُ بَلْ يَقْرَؤُهُ كَمَا يَقْرَأُ الْعَبْدُ كِتَابَ مَوْلَاهُ الَّذِي كَتَبَهُ إِلَيْهِ لِيَتَأَمَّلَهُ وَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ، وَلِذَلِكَ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: " هَذَا الْقُرْآنُ رَسَائِلُ أَتَتْنَا مِنْ قِبَلِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِعُهُودِهِ نَتَدَبَّرُهَا فِي الصَّلَوَاتِ وَنُنَفِّذُهَا فِي الطَّاعَاتِ "
الثَّامِنُ التَّأَثُّرُ: وَهُوَ أَنْ يَتَأَثَّرَ قَلْبُهُ بِآثَارٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْآيَاتِ فَيَكُونُ لَهُ بِحَسَبِ كُلِّ فَهْمٍ حَالٌ وَوَجْدٌ يَتَّصِفُ بِهِ قَلْبُهُ مِنَ الْحُزْنِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَغَيْرِهِ، وَمَهْمَا تَمَّتْ مَعْرِفَتُهُ

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست