responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 300
شَيْئًا أَشَدَّ مِنَ الْجَهْلِ "؟ قَالَ: "نَعَمْ، الْجَهْلُ بِالْجَهْلِ " وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالْجَهْلِ يَسُدُّ بِالْكُلِّيَّةِ بَابَ التَّعَلُّمِ، فَمَنْ يَظُنُّ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ فَكَيْفَ يَتَعَلَّمُ؟ وَكَذَلِكَ أَفْضَلُ مَا أُطِيعَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهِ الْعِلْمُ، وَرَأْسُ الْعِلْمِ الْعِلْمُ بِالْعِلْمِ. كَمَا أَنَّ رَأْسَ الْجَهْلِ الْجَهْلُ بِالْجَهْلِ، وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النَّحْلِ: 43، وَالْأَنْبِيَاءِ: 7] نَعَمْ، لِلنِّيَّةِ دَخْلٌ فِي الْمَعَاصِي وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا انْضَافَ قُصُودٌ خَبِيثَةٌ تَضَاعَفَ وِزْرُهَا وَعَظُمَ وَبَالُهَا.
الْقِسْمُ الثَّانِي الطَّاعَاتُ: وَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنِّيَّاتِ فِي أَصْلِ صِحَّتِهَا وَفِي تَضَاعُفِ فَضْلِهَا.
أَمَّا الْأَصْلُ فَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا عِبَادَةَ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا غَيْرُ، فَإِنْ نَوَى الرِّيَاءَ صَارَتْ مَعْصِيَةً. وَأَمَّا تَضَاعُفُ الْفَضْلِ فَبِكَثْرَةِ النِّيَّاتِ الْحَسَنَةِ، فَإِنَّ الطَّاعَةَ الْوَاحِدَةَ يُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا خَيْرَاتٍ كَثِيرَةً فَيَكُونُ لَهُ بِكُلِّ نِيَّةٍ ثَوَابٌ؛ إِذْ كُلُّ وَاحِدَةٍ حَسَنَةٌ، ثُمَّ تُضَاعَفُ كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا كَمَا وَرَدَ، وَمِثَالُهُ الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ طَاعَةٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ فِيهِ نِيَّاتٍ كَثِيرَةً حَتَّى يَصِيرَ مِنْ فَضَائِلِ أَعْمَالِ الْمُتَّقِينَ:
أَوَّلُهَا: أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ بَيْتُ اللَّهِ وَأَنَّ دَاخِلَهُ زَائِرُ اللَّهِ.
ثَانِيهَا: أَنْ يَنْتَظِرَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَيَكُونَ فِي صَلَاةٍ.
ثَالِثُهَا: التَّرَهُّبُ بِكَفِّ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْأَعْضَاءِ عَنِ الْحَرَكَاتِ وَالتَّرَدُّدَاتِ.
رَابِعُهَا: عُكُوفُ الْهَمِّ عَلَى اللَّهِ وَلُزُومُ السِّرِّ لِلْفِكْرِ فِي الْآخِرَةِ، وَدَفْعُ الشَّوَاغِلِ الصَّارِفَةِ عَنْهُ بِالِاعْتِزَالِ إِلَى الْمَسْجِدِ.
خَامِسُهَا: التَّجَرُّدُ لِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ لِاسْتِمَاعِ ذِكْرِهِ وَلِلتَّذَكُّرِ بِهِ.
سَادِسُهَا: أَنْ يَقْصِدَ إِفَادَةَ الْعِلْمِ بِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ؛ إِذِ الْمَسْجِدُ لَا يَخْلُو عَمَّنْ يُسِيءُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ يَتَعَاطَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، فَيَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُرْشِدُهُ إِلَى الدِّينِ فَيَكُونُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي خَيْرِهِ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْهُ فَتَتَضَاعَفُ خَيْرَاتُهُ.
سَابِعُهَا: أَنْ يَسْتَفِيدَ أَخًا فِي اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَنِيمَةٌ وَذَخِيرَةٌ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ، وَالْمَسْجِدُ مُعَشَّشُ أَهْلِ الدِّينِ الْمُحِبِّينَ لِلَّهِ وَفِي اللَّهِ.
ثَامِنُهَا: أَنْ يَتْرُكَ الذُّنُوبَ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَحَيَاءً مِنْ أَنْ يَتَعَاطَى فِي بَيْتِ اللَّهِ مَا يَقْتَضِي هَتْكَ الْحُرْمَةِ.
فَهَذَا طَرِيقُ تَكْثِيرِ النِّيَّاتِ، وَقِسْ بِهِ سَائِرَ الطَّاعَاتِ، إِذْ مَا مِنْ طَاعَةٍ إِلَّا وَتَحْتَمِلُ نِيَّاتٍ كَثِيرَةً وَإِنَّمَا تَحْضُرُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِقَدْرِ جَدِّهِ فِي طَلَبِ الْخَيْرِ وَتَشَمُّرِهِ لَهُ، فَبِهَذَا تَزْكُو الْأَعْمَالُ وَتَتَضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمُبَاحَاتُ: وَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ إِلَّا وَيَحْتَمِلُ نِيَّةً أَوْ نِيَّاتٍ يَصِيرُ بِهَا مِنْ مَحَاسِنِ الْقُرُبَاتِ، كَالتَّطَيُّبِ مَثَلًا فَإِنَّهُ بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ وَالتَّنَعُّمِ مُبَاحٌ، وَأَمَّا إِذَا نَوَى بِهِ اتِّبَاعَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْوِيحَ جِيرَانِهِ لِيَسْتَرِيحُوا بِرَوَائِحِهِ، وَدَفْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ عَنْ نَفْسِهِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى إِيذَاءِ مُخَالِطِيهِ، وَزِيَادَةِ فِطْنَتِهِ وَذَكَائِهِ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ دَرْكُ مُهِمَّاتِ دِينِهِ بِالْفِكْرِ، فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ النِّيَّاتِ الْحَسَنَةِ الَّتِي لَا يَعْجِزُ عَنْهَا مَنْ غَلَبَ طَلَبُ الْخَيْرِ عَلَى قَلْبِهِ مِمَّا يَنَالُ بِهَا مَعَالِيَ الدَّرَجَاتِ.
وَأَمَّا مَنْ قَصَدَ بِالتَّطَيُّبِ إِظْهَارَ التَّفَاخُرِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ أَوْ رِيَاءِ الْخَلْقِ لِيُذْكَرَ بِذَلِكَ أَوْ لِيَتَوَدَّدَ إِلَى قُلُوبِ

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست