responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 274
الْغَمُوسُ وَهِيَ الَّتِي يُحِقُّ بِهَا بَاطِلًا أَوْ يُبْطِلُ بِهَا حَقًّا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بَاطِلًا، وَلَوْ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ، سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي النَّارِ.
وَثَلَاثٌ فِي الْبَطْنِ: وَهِيَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا، وَأَكْلُ الرِّبَا وَهُوَ يَعْلَمُ.
وَاثْنَتَانِ فِي الْفَرَجِ: وَهُمَا الزِّنَا وَاللِّوَاطُ.
وَاثْنَتَانِ فِي الْيَدَيْنِ: وَهُمَا الْقَتْلُ وَالسَّرِقَةُ.
وَوَاحِدَةٌ فِي الرِّجْلَيْنِ: وَهُوَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ أَنْ يَفِرَّ الْوَاحِدُ مِنِ اثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةُ مِنَ الْعِشْرِينَ.
وَوَاحِدَةٌ فِي جَمِيعِ الْجَسَدِ: وَهُوَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجُمْلَةُ عُقُوقِهِمَا أَنْ يُقْسِمَا عَلَيْهِ فِي حَقٍّ فَلَا يَبَرُّ قَسَمَهُمَا، وَإِنْ سَأَلَاهُ حَاجَةً فَلَا يُعْطِيهِمَا، وَإِنْ يَسُبَّاهُ فَيَضْرِبُهُمَا، وَيَجُوعَانِ فَلَا يُطْعِمُهُمَا.
هَذَا كَلَامُ أبي طالب وَهُوَ قَرِيبٌ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ تَفْصِيلُهَا بَعْدُ، وَلَا حَدٌّ جَامِعٌ بَلْ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَاتٍ، وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الذُّنُوبَ مُنْقَسِمَةٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ إِلَى مَا يُعْلَمُ اسْتِعْظَامُهُ إِيَّاهَا، وَإِلَى مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مَعْدُودَةٌ فِي الصَّغَائِرِ، وَإِلَى مَا يُشَكُّ فِيهِ فَلَا يُدْرَى حُكْمُهُ، وَرُبَّمَا قَصَدَ الشَّارِعُ الْإِبْهَامَ؛ لِيَكُونَ الْعِبَادُ عَلَى وَجَلٍ وَحَذَرٍ فَلَا يَتَجَرَّؤُونَ عَلَى الصَّغَائِرِ.
ثُمَّ إِنَّ اجْتِنَابَ الْكَبِيرَةِ إِنَّمَا يُكَفِّرُ الصَّغِيرَةَ إِذَا اجْتَنَبَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، كَمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنِ امْرَأَةٍ وَمِنْ مُوَاقَعَتِهَا فَيَكُفُّ نَفْسَهُ عَنِ الْوِقَاعِ مُجَاهِدًا نَفْسَهُ، فَإِنِ امْتَنَعَ لِعَجْزٍ أَوْ خَوْفٍ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ لِلتَّكْفِيرِ أَصْلًا.

بَيَانُ مَا تَعْظُمُ بِهِ الصَّغَائِرُ مِنَ الذُّنُوبِ:
اعْلَمْ أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَكْبُرُ بِأَسْبَابٍ؛ مِنْهَا الْإِصْرَارُ وَالْمُوَاظَبَةُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: لَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ، فَكَبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ تَنْصَرِمُ وَلَا يَتْبَعُهَا مِثْلُهَا يَكُونُ الْعَفْوُ عَنْهَا أَرْجَى مِنْ صَغِيرَةٍ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ، وَمِثَالُ ذَلِكَ قَطَرَاتٌ مِنَ الْمَاءِ تَقَعُ عَلَى الْحَجْرِ عَلَى تَوَالٍ فَتُؤَثِّرُ فِيهِ وَذَلِكَ الْقَدْرُ لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يُؤَثِّرْ، وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ الْأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» .
وَمِنْهَا أَنْ يَسْتَصْغِرَ الذَّنْبَ؛ فَإِنَّ الذَّنْبَ كُلَّمَا اسْتَعْظَمَهُ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ صَغُرَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكُلَّمَا اسْتَصْغَرَهُ كَبُرَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ اسْتِعْظَامَهُ يَصْدُرُ عَنْ نُفُورِ الْقَلْبِ عَنْهُ، وَذَلِكَ النُّفُورُ يَمْنَعُ مِنْ شِدَّةِ تَأَثُّرِهِ بِهِ، وَاسْتِصْغَارُهُ يَصْدُرُ عَنِ الْإِلْفِ بِهِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ شِدَّةَ الْأَثَرِ فِي الْقَلْبِ، وَالْقَلْبُ هُوَ الْمَطْلُوبُ تَنْوِيرُهُ بِالطَّاعَاتِ، وَالْمَحْذُورُ تَسْوِيدُهُ بِالسَّيِّئَاتِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذَنْبَهُ كَجَبَلٍ فَوْقَهُ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَالْمُنَافِقَ يَرَى ذَنْبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَأَطَارَهُ.
وَكَذَلِكَ يَعْظُمُ مِنَ الْعَالِمِ مَا لَا يَعْظُمُ مِنَ الْجَاهِلِ، وَيُتَجَاوَزُ عَنِ الْعَامِّيِّ فِي أُمُورٍ لَا يُتَجَاوَزُ فِي أَمْثَالِهَا عَنِ الْعَارِفِ؛ لِأَنَّ الذَّنْبَ وَالْمُخَالَفَةَ يَكْبُرُ بِقَدْرِ مَعْرِفَةِ الْمُخَالِفِ.
وَمِنْهَا السُّرُورُ بِالصَّغِيرَةِ وَالْفَرَحُ بِهَا، فَكُلَّمَا غَلَبَتْ حَلَاوَةُ الصَّغِيرَةِ عِنْدَ الْعَبْدِ كَبُرَتْ وَعَظُمَ أَثَرُهَا فِي تَسْوِيدِ قَلْبِهِ، كَمَنْ يَقُولُ: أَمَا رَأَيْتَنِي كَيْفَ مَزَّقْتُ عِرْضَهُ، وَكَيْفَ فَضَحْتُهُ حَتَّى خَجَّلْتُهُ،

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست