responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 266
لِحَجَّتِكَ تَزَهُّدًا أَوِ اشْتِيَاقًا إِلَى الْبَيْتِ أَوِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ «؟ قَالَ:» ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ «قَالَ:» فَإِنْ أَصَبْتَ مَرْضَاةَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْتَ فِي مَنْزِلَتِكَ وَتُنْفِقُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَتَكُونُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى أَتَفْعَلُ ذَلِكَ «؟ قَالَ:» نَعَمْ «، قَالَ: اذْهَبْ فَأَعْطِهَا عَشَرَةَ أَنْفُسٍ: مَدْيُونًا يَقْضِي دَيْنَهُ، وَفَقِيرًا يَرُمُّ شَعَثَهُ، وَمُعِيلًا يُحْيِي عِيَالَهُ، وَمُرَبِّي يَتِيمٍ يُفْرِحُهُ، وَإِنْ قَوِيَ قَلْبُكَ تُعْطِيهَا وَاحِدًا فَافْعَلْ، فَإِنَّ إِدْخَالَكَ السُّرُورَ عَلَى قَلْبِ مُسْلِمٍ وَإِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ وَكَشْفَ الضُّرِّ وَإِعَانَةَ الضَّعِيفِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، قُمْ فَأَخْرِجْهَا كَمَا أَمَرْنَاكَ وَإِلَّا فَقُلْ لَنَا مَا فِي قَلْبِكَ» فَقَالَ: «يَا أبا نصر سَفَرِي أَقْوَى فِي قَلْبِي» ، فَتَبَسَّمَ «بشر» - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: «الْمَالُ إِذَا جُمِعَ مِنْ وَسَخِ التِّجَارَاتِ وَالشُّبُهَاتِ اقْتَضَتِ النَّفْسُ أَنْ تَقْضِيَ بِهِ وَطَرًا فَأَظْهَرَتِ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَاتِ وَقَدْ آلَى اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يَقْبَلَ إِلَّا عَمَلَ الْمُتَّقِينَ» .
وَفِرْقَةٌ مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ اشْتَغَلُوا بِهَا يَحْفَظُونَ الْأَمْوَالَ وَيُمْسِكُونَهَا بِحُكْمِ الْبُخْلِ، ثُمَّ يَشْتَغِلُونَ بِالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى نَفَقَةٍ كَصِيَامِ النَّهَارِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَخَتْمِ الْقُرْآنِ، وَهُمْ مَغْرُورُونَ ; لِأَنَّ الْبُخْلَ الْمُهْلِكَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى بَوَاطِنِهِمْ فَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى قَمْعِهِ بِإِخْرَاجِ الْمَالِ، فَقَدِ اشْتَغَلَ بِطَلَبِ فَضَائِلَ، وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهَا، وَمِثَالُهُ مِثَالُ مَنْ دَخَلَ فِي ثَوْبِهِ حَيَّةٌ وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِطَبْخِ دَوَاءٍ يُسَكِّنُ بِهِ الصَّفْرَاءَ، وَمَنْ قَتَلَتْهُ الْحَيَّةُ مَتَى يَحْتَاجُ إِلَى دَوَاءٍ؟ وَلِذَلِكَ قِيلَ «لبشر» : «إِنَّ فُلَانًا الْغَنِيَّ كَثِيرُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ» ، فَقَالَ: «الْمِسْكِينُ تَرَكَ حَالَهُ وَدَخَلَ فِي حَالِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا حَالُ هَذَا إِطْعَامُ الطَّعَامِ لِلْجِيَاعِ وَالْإِنْفَاقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَهَذَا أَفْضَلُ لَهُ مِنْ تَجْوِيعِهِ نَفْسَهُ وَمِنْ صَلَاتِهِ لِنَفْسِهِ مَعَ جَمْعِهِ لِلدُّنْيَا وَمَنْعِهِ لِلْفُقَرَاءِ» .
وَفِرْقَةٌ غَلَبَهُمُ الْبُخْلُ فَلَا تَسْمَحُ نُفُوسُهُمْ إِلَّا بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَقَطْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ يُخْرِجُونَ مِنَ الْمَالِ الْخَبِيثَ الرَّدِيءَ الَّذِي يَرْغَبُونَ عَنْهُ، وَيَطْلُبُونَ مِنَ الْفُقَرَاءِ مَنْ يَخْدُمُهُمْ وَيَتَرَدَّدُ فِي حَاجَاتِهِمْ أَوْ مَنْ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِلِاسْتِسْخَارِ فِي خِدْمَةٍ، أَوْ مَنْ لَهُمْ عَلَى الْجُمْلَةِ غَرَضٌ، أَوْ يُسَلِّمُونَ إِلَى مَنْ يُعِينُهُ وَاحِدٌ مِنَ الْأَكَابِرِ مِمَّنْ يَسْتَظْهِرُ بِحَشَمِهِ لِيَنَالَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً فَيَقُومُ بِحَاجَاتِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُفْسِدَاتٌ لِلنِّيَّةِ وَمُحْبِطَاتٌ لِلْعَمَلِ، وَصَاحِبُهُ مَغْرُورٌ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ مُطِيعٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ فَاجِرٌ إِذْ طَلَبَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ عِوَضًا مِنْ غَيْرِهِ. وَغُرُورُ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ لَا يُحْصَى وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا الْقَدْرَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَجْنَاسِ الْغُرُورِ.
وَفِرْقَةٌ أُخْرَى مِنْ عَوَامِّ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ اغْتَرُّوا بِحُضُورِ مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ يُغْنِيهِمْ وَيَكْفِيهِمْ وَاتَّخَذُوا ذَلِكَ عَادَةً، وَيَظُنُّونَ أَنَّ لَهُمْ عَلَى مُجَرَّدِ سَمَاعِ الْوَعْظِ دُونَ الْعَمَلِ وَالِاتِّعَاظِ أَجْرًا، وَهُمْ مَغْرُورُونَ ; لِأَنَّ فَضْلَ مَجْلِسِ الذِّكْرِ لِكَوْنِهِ مُرَغِّبًا فِي الْخَيْرِ، فَإِنْ لَمْ يُهَيِّجِ الرَّغْبَةَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَالرَّغْبَةُ مَحْمُودَةٌ لِأَنَّهَا تَبْعَثُ عَلَى الْعَمَلِ، فَإِنْ ضَعُفَتْ عَنِ الْحَمْلِ عَلَى الْعَمَلِ فَلَا خَيْرَ فِيهَا، وَمَا يُرَادُ لِغَيْرِهِ فَإِذَا قَصَّرَ عَنِ الْأَدَاءِ إِلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ فَلَا قِيمَةَ لَهُ. وَرُبَّمَا يَغْتَرُّ بِمَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْوَاعِظِ وَتَدْخُلُهُ رِقَّةٌ كَرِقَّةِ النِّسَاءِ فَيَبْكِي وَلَا عَزْمَ، وَرُبَّمَا يَسْمَعُ كَلَامًا مُخَوِّفًا فَلَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يُصَفِّقَ بِيَدَيْهِ وَيَقُولَ: يَا سَلَامُ سَلِّمْ، أَوْ نَعُوذُ بِاللَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَتَى

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست