responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 228
كِتَابُ ذَمِّ الْجَاهِ وَالرِّيَاءِ
اعْلَمْ أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَنَّ أَصْلَ الْجَاهِ هُوَ انْتِشَارُ الصِّيتِ وَالِاشْتِهَارِ، وَهُوَ مَذْمُومٌ، بَلِ الْمَحْمُودُ الْخُمُولُ إِلَّا مَنْ شَهَرَهُ اللَّهُ لِنَشْرِ دِينِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ طَلَبِ الشُّهْرَةِ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا) [الْقَصَصِ: 83] جَمَعَ بَيْنَ إِرَادَةِ الْفَسَادِ وَالْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَبَيْنَ أَنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لِلْخَالِي عَنِ الْإِرَادَتَيْنِ جَمِيعًا، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [هُودٍ: 15، 16] .
وَهَذَا أَيْضًا مُتَنَاوِلٌ بِعُمُومِهِ لِحُبِّ الْجَاهِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لَذَّةً مِنْ لَذَّاتِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَأَكْثَرُ زِينَةً مِنْ زِينَتِهَا، وَفِي الْحَدِيثِ: «حَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يُشِيرَ النَّاسُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ» «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» .
وَرُوِيَ فِي فَضِيلَةِ الْخُمُولِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُبَّ أَشَعْثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ: كُلُّ ضَعِيفٍ مُسْتَضْعَفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، وَأَهْلُ النَّارِ: كُلُّ مُتَكَبِّرٍ مُسْتَكْبِرٍ جَوَّاظٍ» .
وَالْأَخْبَارُ فِي مَذَمَّةِ الشُّهْرَةِ وَفَضِيلَةِ الْخُمُولِ كَثِيرَةٌ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالشُّهْرَةِ وَانْتِشَارِ الصِّيتِ هُوَ الْجَاهُ وَالْمَنْزِلَةُ فِي الْقُلُوبِ. وَحُبُّ الْجَاهِ مَنْشَأُ كُلِّ فَسَادٍ. ثُمَّ إِنَّ الْمَذْمُومَ هُوَ طَلَبُ الشُّهْرَةِ وَالْحِرْصُ عَلَيْهَا، فَأَمَّا وُجُودُهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ مِنَ الْعَبْدِ فَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ.

بَيَانُ الْحَدِّ الَّذِي يُبَاحُ فِيهِ الْجَاهُ:
اعْلَمْ أَنَّ الْجَاهَ وَالْمَالَ هُمَا رُكْنَا الدُّنْيَا، وَمَعْنَى الْمَالِ مِلْكُ الْأَعْيَانِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا، وَمَعْنَى الْجَاهِ مِلْكُ الْقُلُوبِ الْمَطْلُوبِ تَعْظِيمُهَا وَطَاعَتُهَا أَيِ: الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا لِيُسْتَعْمَلَ بِوَاسِطَتِهَا أَرْبَابُهَا فِي أَغْرَاضِهِ، فَحُكْمُ الْجَاهِ حُكْمُ مِلْكِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهُ عَرَضٌ مِنْ أَعْرَاضِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ، وَالدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ، فَكُلُّ مَا خُلِقَ فِي الدُّنْيَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُتَزَوَّدَ مِنْهُ لِلْآخِرَةِ، فَحُبُّ الْجَاهِ وَالْمَالِ لِأَجْلِ التَّوَسُّلِ بِهِمَا إِلَى مُهِمَّاتِ الْبَدَنِ غَيْرُ مَذْمُومٍ، وَحُبُّهُمَا لِأَعْيَانِهِمَا فِيمَا

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست