responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 211
وَيَا جَاهِلُ "، إِذْ مَا أَحَدٌ إِلَّا وَفِيهِ حُمْقٌ وَجَهْلٌ، فَقَدْ آذَاهُ بِمَا لَيْسَ بِكَذِبٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " يَا سَيِّئَ الْخُلُقِ، يَا ثَلَّابًا لِلْأَعْرَاضِ "، وَكَانَ ذَلِكَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " لَوْ كَانَ فِيكَ حَيَاءٌ لَمَا تَكَلَّمْتَ، وَمَا أَحْقَرَكَ فِي عَيْنِي بِمَا فَعَلْتَ ". وَاسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيثِ: " الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مِنْهُمَا حَتَّى يَعْتَدِيَ الْمَظْلُومُ. فَأَثْبَتَ لِلْمَظْلُومِ انْتِصَارًا إِلَى أَنْ يَعْتَدِيَ.
فَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي أَبَاحَهُ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ رُخْصَةٌ فِي الْإِيذَاءِ جَزَاءً عَلَى إِيذَائِهِ السَّابِقِ. قَالَ " الْغَزَالِيُّ ": وَلَا تَبْعُدُ الرُّخْصَةُ فِي هَذَا الْقَدْرِ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُهُ، فَإِنَّهُ يَجُرُّهُ إِلَى مَا وَرَاءَهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ الْحَقِّ فِيهِ، وَالسُّكُوتُ عَنْ أَصْلِ الْجَوَابِ لَعَلَّهُ أَيْسَرُ مِنَ الشُّرُوعِ فِي الْجَوَابِ وَالْوُقُوفِ عَلَى حَدِّ الشَّرْعِ فِيهِ، وَلَكِنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِ نَفْسِهِ فِي فَوْرَةِ الْغَضَبِ، وَلَكِنْ يَعُودُ سَرِيعًا، وَفِي الْحَدِيثِ: " خَيْرُ بَنِي آدَمَ الْبَطِيءُ الْغَضَبِ، السَّرِيعُ الْفَيْءِ، وَشَرُّهُمُ السَّرِيعُ الْغَضَبِ، الْبَطِيءُ الْفَيْءِ ".

مَعْنَى الْحِقْدِ وَنَتَائِجُهُ الْوَخِيمَةُ وَفَضِيلَةُ الرِّفْقِ:
اعْلَمْ أَنَّ الْغَضَبَ إِذَا لَزِمَ كَظْمُهُ لِعَجْزٍ عَنِ التَّشَفِّي فِي الْحَالِ، رَجَعَ إِلَى الْبَاطِنِ وَاحْتَقَنَ فِيهِ، فَصَارَ حِقْدًا، وَمَعْنَى الْحِقْدِ أَنْ يَلْزَمَ قَلْبُهُ اسْتِثْقَالَهُ وَالْبِغْضَةَ لَهُ وَالنِّفَارَ عَنْهُ، وَأَنْ يَدُومَ ذَلِكَ وَيَبْقَى، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِحَقُودٍ» . وَالْحِقْدُ ثَمَرَةُ الْغَضَبِ، وَالْحِقْدُ يُثْمِرُ أُمُورًا مُنْكَرَةً:
الْأَوَّلُ: الْحَسَدُ وَهُوَ أَنْ يَحْمِلَكَ الْحِقْدُ عَلَى أَنْ تَتَمَنَّى زَوَالَ النِّعْمَةِ عَنْهُ، فَتَغْتَمَّ بِنِعْمَةٍ إِنْ أَصَابَهَا، وَتُسَرَّ بِمُصِيبَةٍ إِنْ نَزَلَتْ بِهِ، وَهَذَا مِنْ فِعْلِ الْمُنَافِقِينَ.
الثَّانِي: أَنْ يَزِيدَ عَلَى إِضْمَارِ الْحَسَدِ فِي الْبَاطِنِ فَيَشْمَتَ بِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ.
الثَّالِثُ: أَنْ تَهْجُرَهُ وَتُصَارِمَهُ وَتَنْقَطِعَ عَنْهُ وَإِنْ طَلَبَكَ وَأَقْبَلَ عَلَيْكَ.
الرَّابِعُ: وَهُوَ دُونَهُ أَنْ تُعْرِضَ عَنْهُ اسْتِصْغَارًا لَهُ.
الْخَامِسُ: أَنْ تَتَكَلَّمَ فِيهِ بِمَا لَا يَحِلُّ مِنْ كَذِبٍ، وَغِيبَةٍ، وَإِفْشَاءِ سِرٍّ، وَهَتْكِ سِتْرٍ وَعَوْرَةٍ.
السَّادِسُ: أَنْ تُحَاكِيَهُ اسْتِهْزَاءً بِهِ وَسُخْرِيَةً مِنْهُ.
السَّابِعُ: إِيذَاؤُهُ بِالضَّرْبِ وَمَا يُؤْلِمُ بَدَنَهُ.
الثَّامِنُ: أَنْ تَمْنَعَهُ حَقَّهُ مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ، أَوْ رَدِّ مَظْلَمَةٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ. وَأَقَلُّ

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست