responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 205
كِتَابُ ذَمِّ الْغَضَبِ وَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ
إِنَّ الْغَضَبَ شُعْلَةُ نَارٍ، اقْتُبِسَتْ مِنْ نَارِ اللَّهِ الْمُوقَدَةِ، الَّتِي تَطَّلِعُ الْأَفْئِدَةَ، وَإِنَّهَا لَمُسْتَكِنَّةٌ فِي طَيِّ الْفُؤَادِ اسْتِكْنَانَ الْجَمْرِ تَحْتَ الرَّمَادِ، وَيَسْتَخْرِجُهَا الْكِبْرُ الدَّفِينُ فِي قَلْبِ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، كَاسْتِخْرَاجِ الْحَجَرِ النَّارَ مِنَ الْحَدِيدِ، وَقَدِ انْكَشَفَ لِلنَّاظِرِينَ بِنُورِ الْيَقِينِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْزِعُ مِنْهُ عِرْقٌ إِلَى الشَّيْطَانِ اللَّعِينِ، فَمَنِ اسْتَفَزَّتْهُ نَارُ الْغَضَبِ فَقَدْ قَوِيَتْ فِيهِ قَرَابَةُ الشَّيْطَانِ، حَيْثُ قَالَ: (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الْأَعْرَافِ: 12 وَص: 76] فَإِنَّ شَأْنَ الطِّينِ السُّكُونُ وَالْوَقَارُ، وَشَأْنَ النَّارِ التَّلَظِّي وَالِاسْتِعَارُ وَالْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ.
وَمِنْ نَتَائِجِ الْغَضَبِ: الْحِقْدُ وَالْحَسَدُ، وَبِهِمَا هَلَكَ مَنْ هَلَكَ وَفَسَدَ مَنْ فَسَدَ، وَمُفِيضُهُمَا مُضْغَةٌ إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ.
وَإِذَا كَانَ الْحِقْدُ وَالْحَسَدُ وَالْغَضَبُ مِمَّا يَسُوقُ الْعَبْدَ إِلَى مُوَاطِنِ الْعَطَبِ، فَمَا أَحْوَجَهُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَعَاطِبِهِ وَمَسَاوِئِهِ؛ لِيَحْذَرَ ذَلِكَ وَيَتَّقِيَهُ، وَيُمِيطَهُ عَنِ الْقَلْبِ إِنْ كَانَ وَيَنْفِيَهُ، وَهَاكَ بَيَانُ ذَلِكَ بِعَوْنِهِ تَعَالَى.
بَيَانُ ذَمِّ الْغَضَبِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [الْفَتْحِ: 26] الْآيَةَ: ذَمَّ الْكُفَّارَ بِمَا تَظَاهَرُوا بِهِ مِنَ الْحَمِيَّةِ الصَّادِرَةِ عَنِ الْغَضَبِ بِالْبَاطِلِ، وَمَدَحَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّكِينَةِ.
وَرُوِيَ أَنْ رَجُلًا قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِعَمَلٍ وَأَقْلِلْ» ، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «لَا تَغْضَبْ» . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟» قُلْنَا «الَّذِي لَا تَصْرَعُهُ الرِّجَالُ» ، قَالَ: «لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنِ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» .
وَعَنْ «جعفر» : «الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ» ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ: «رَأْسُ الْحُمْقِ الْحِدَّةُ، وَقَائِدُهُ الْغَضَبُ، وَمَنْ رَضِيَ بِالْجَهْلِ اسْتَغْنَى عَنِ الْحِلْمِ، وَالْحِلْمُ زَيْنٌ وَمَنْفَعَةٌ، وَالْجَهْلُ شَيْنٌ وَمَضَرَّةٌ، وَالسُّكُوتُ عَنْ جَوَابِ الْأَحْمَقِ جَوَابُهُ» .
وَقَالَ «الحسن» : «مِنْ عَلَامَاتِ الْمُسْلِمِ: قُوَّةٌ فِي دِينٍ، وَحَزْمٌ فِي لِينٍ، وَإِيمَانٌ فِي يَقِينٍ، وَعِلْمٌ فِي حِلْمٍ، وَكَيْسٌ فِي رِفْقٍ، وَإِعْطَاءٌ فِي حَقٍّ، وَقَصْدٌ فِي غِنًى، وَتَجَمُّلٌ فِي فَاقَةٍ، وَإِحْسَانٌ فِي قُدْرَةٍ، وَتَحَمُّلٌ فِي رَفَاقَةٍ، وَصَبْرٌ فِي شِدَّةٍ، لَا

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست