responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 190
النَّاسِ مَنْ يُصَرِّحُ بِهِ وَيَقُولُ: " إِنَّمَا قَصْدِي عِنَادُهُ وَكَسْرُ غَرَضِهِ، وَإِنِّي إِنْ أَخَذْتُ مِنْهُ هَذَا الْمَالَ رُبَّمَا رِمَيْتُ بِهِ فِي بِئْرٍ وَلَا أُبَالِي " وَهَذَا مَقْصُودُهُ اللَّدَدُ وَالْخُصُومَةُ وَاللَّجَاجُ، وَهُوَ مَذْمُومٌ جِدًّا. فَأَمَّا الْمَظْلُومُ الَّذِي يَنْصُرُ حُجَّتَهُ بِطَرِيقِ الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ لَدَدٍ وَإِسْرَافٍ وَزِيَادَةِ لَجَاجٍ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِنْ غَيْرِ قَصْدِ عِنَادٍ وَإِيذَاءٍ - فَفِعْلُهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَكِنِ الْأَوْلَى تَرْكُهُ مَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، فَإِنَّ ضَبْطَ اللِّسَانِ فِي الْخُصُومَةِ عَلَى قَدْرِ الِاعْتِدَالِ مُتَعَذِّرٌ، وَالْخُصُومَةُ تُوغِرُ الصَّدْرَ، وَتُهَيِّجُ الْغَضَبَ، وَإِذَا هَاجَ نُسِيَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ وَبَقِيَ الْحِقْدُ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، حَتَّى يَفْرَحَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَسَاءَةِ صَاحِبِهِ وَيَحْزَنَ بِمَسَرَّتِهِ، وَيُطْلِقَ اللِّسَانَ فِي عِرْضِهِ، فَمَنْ بَدَأَ بِالْخُصُومَةِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَحْذُورَاتِ، وَأَقَلُّ مَا فِيهِ تَشْوِيشُ خَاطِرِهِ، حَتَّى إِنَّهُ فِي صَلَاتِهِ يَشْتَغِلُ بِمُحَاجَّةِ خَصْمِهِ، فَلَا يَبْقَى الْأَمْرُ عَلَى حَدِّ الْوَاجِبِ، فَالْخُصُومَةُ مَبْدَأُ كُلِّ شَرٍّ وَكَذَا الْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْتَحَ بَابَهُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَعِنْدَ الضَّرُورَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْفَظَ اللِّسَانَ وَالْقَلْبَ عَنْ تَبِعَاتِ الْخُصُومَةِ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ جِدًّا. نَعَمْ أَقَلُّ مَا يَفُوتُهُ فِي الْخُصُومَةِ وَالْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ طَيِّبُ الْكَلَامِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) [الْبَقَرَةِ: 83] ، وَقَالَ " ابْنُ عَبَّاسٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَارْدُدْ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا؛ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) [النِّسَاءِ: 86] وَقَالَ " ابْنُ عَبَّاسٍ " أَيْضًا: " لَوْ قَالَ لِي فِرْعَوْنُ خَيْرًا لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ "، وَفِي الْحَدِيثِ: " الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ "، وَقَالَ " عمر " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " الْبِرُّ شَيْءٌ هَيِّنٌ، وَجْهٌ طَلِيقٌ، وَكَلَامٌ لَيِّنٌ ". وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: " الْكَلَامُ اللَّيِّنُ يَغْسِلُ الضَّغَائِنَ الْمُسْتَكِنَّةَ فِي الْجَوَارِحِ "، وَقَالَ آخَرُ: " كُلُّ كَلَامٍ لَا يُسْخِطُ رَبَّكَ إِلَّا أَنَّكَ تُرْضِي بِهِ جَلِيسَكَ، فَلَا تَكُنْ بِهِ عَلَيْهِ بَخِيلًا، فَلَعَلَّهُ يُعَوِّضُكَ مِنْهُ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ ".

الْآفَةُ السَّادِسَةُ: التَّقَعُّرُ فِي الْكَلَامِ:
وَهُوَ التَّشَدُّقُ، وَتَكَلُّفُ السَّجْعِ، وَالْفَصَاحَةِ، وَالتَّصَنُّعُ فِيهِ، فَإِنَّهُ مِنَ التَّكَلُّفِ الْمَمْقُوتِ، إِذْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى مَقْصُودِهِ، وَمَقْصُودُ الْكَلَامِ التَّفْهِيمُ لِلْغَرَضِ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ تَصَنُّعٌ مَذْمُومٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا تَحْسِينُ أَلْفَاظِ التَّذْكِيرِ وَالْخَطَابَةِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا إِغْرَابٍ، فَلِرَشَاقَةِ اللَّفْظِ تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ.

الْآفَةُ السَّابِعَةُ: الْفُحْشُ وَالسَّبُّ وَبَذَاءَةُ اللِّسَانِ:
وَهُوَ مَذْمُومٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمَصْدَرُهُ الْخُبْثُ وَاللُّؤْمُ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ» .
وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَنْ تُسَبَّ قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: «لَا تَسُبُّوا هَؤُلَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ مِمَّا تَقُولُونَ وَتُؤْذُونَ الْأَحْيَاءَ، أَلَا إِنَّ الْبَذَاءَ لُؤْمٌ» . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ» .

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست