responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 162
وَالْوَرَعُ لَا يَكْفِيَانِ فِيهِ، فَإِنَّ الْغَضَبَ إِذَا هَاجَ لَمْ يَكْفِ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ فِي قَمْعِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الطَّبْعِ قَبُولٌ لَهُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ. وَبِوُجُودِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ يَصِيرُ الْإِرْشَادُ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَبِهِ تَنْدَفِعُ الْمُنْكَرَاتُ، وَإِنْ فُقِدَتْ لَمْ يَنْدَفِعِ الْمُنْكَرُ، وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ «الْمَأْمُونَ» وَعَظَهُ وَاعِظٌ وَعَنَّفَ لَهُ فِي الْقَوْلِ فَقَالَ: يَا رَجُلُ ارْفُقْ فَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ إِلَى مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي وَأَمَرَهُ بِالرِّفْقِ فَقَالَ تَعَالَى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: 44] فَلْيَكُنِ اقْتِدَاءُ الْمُرْشِدِ فِي الرِّفْقِ بِالْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.

الْمُنْكَرَاتُ الْمَأْلُوفَةُ فِي الْعَادَاتِ

مُنْكَرَاتُ الْمَسَاجِدِ:
اعْلَمْ أَنَّ الْمُنْكَرَاتِ تَنْقَسِمُ إِلَى مَكْرُوهَةٍ وَمَحْظُورَةٍ، فَإِذَا قُلْنَا هَذَا مُنْكَرٌ مَكْرُوهٌ فَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ مُسْتَحَبٌّ وَالسُّكُوتَ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَإِذَا قُلْنَا مُنْكَرٌ مَحْظُورٌ أَوْ قُلْنَا مُنْكَرٌ مُطْلَقًا فَنُرِيدُ بِهِ الْمَحْظُورَ، وَيَكُونُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ مَحْظُورًا، فَمِمَّا يُشَاهَدُ كَثِيرًا فِي الْمَسَاجِدِ إِسَاءَةُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَهُوَ مُنْكَرٌ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ بِنَصِّ الْحَدِيثِ فَيَجِبُ النَّهْيُ عَنْهُ، وَمَنْ رَأَى مُسِيئًا فِي صَلَاتِهِ فَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ شَرِيكُهُ. وَمِنْهَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مَلْحُونَةً فَيَجِبُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَتَلْقِينُ الصَّحِيحِ، وَالَّذِي يُكْثِرُ اللَّحْنَ فِي الْقُرْآنِ إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّعَلُّمِ فَلْيُمْنَعْ عَنِ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ التَّعَلُّمِ فَإِنَّهُ عَاصٍ بِهِ. وَمِنْهَا تَرَاسُلُ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ وَتَطْوِيلُهُمْ بِمَدِّ كَلِمَاتِهِ فَذَلِكَ مُنْكَرٌ مَكْرُوهٌ. وَمِنْهَا كَلَامُ الْقُصَّاصِ وَالْوُعَّاظِ الَّذِينَ يَمْزُجُونَ بِكَلَامِهِمُ الْكَذِبَ وَالْأَضَالِيلَ وَالْخُرَافَاتِ فَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ. وَمِنْهَا التَّحَلُّقُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِبَيْعِ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالتَّعْوِيذَاتِ، وَكَقِيَامِ السُّؤَّالِ وَقِرَاءَتِهِمُ الْقُرْآنَ وَإِنْشَادِهِمُ الْأَشْعَارَ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فَكُلُّ ذَلِكَ مُنْكَرٌ يُمْنَعُونَ مِنْهُ. وَمِنْهَا بَيْعُ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَدْوِيَةِ وَالْكُتُبِ وَكَذَا الْخِيَاطَةُ فَيُطْلَبُ الْمَنْعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا. وَمِنْهَا دُخُولُ الْمَجَانِينِ - الْمَعْرُوفِينَ الْآنَ بِالْمَجَاذِيبِ - وَالصِّبْيَانِ وَالسُّكَارَى فَإِنَّهُمْ يُجَنَّبُونَ الْمَسَاجِدَ. وَقَدْ أَوْسَعْنَا الْكَلَامَ عَلَى مُنْكَرَاتِ الْمَسَاجِدِ وَبِدَعِهَا وَعَوَائِدِهَا فِي كِتَابٍ أَفْرَدْنَاهُ لِذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ مَنْ أَرَادَهُ.

مُنْكَرَاتُ الْأَسْوَاقِ:
مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الْمُعْتَادَةِ فِي الْأَسْوَاقِ الْكَذِبُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَإِخْفَاءُ الْعَيْبِ، فَمَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ السِّلْعَةَ مَثَلًا بِعَشَرَةٍ وَأَرْبَحُ فِيهَا كَذَا وَكَانَ كَاذِبًا فَهُوَ فَاسِقٌ، وَعَلَى مَنْ عَرَفَ ذَلِكَ أَنْ يُخْبِرَ الْمُشْتَرِيَ بِكَذِبِهِ، فَإِنْ سَكَتَ مُرَاعَاةً لِقَلْبِ الْبَائِعِ كَانَ شَرِيكًا لَهُ فِي الْخِيَانَةِ وَعَصَى بِسُكُوتِهِ، وَكَذَا إِذَا عَلِمَ بِهِ عَيْبًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُنَبِّهَ الْمُشْتَرِيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَانَ رَاضِيًا بِضَيَاعِ مَالِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَكَذَا التَّفَاوُتُ فِي الذِّرَاعِ وَالْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَرَفَهُ تَغْيِيرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ رَفْعُهُ إِلَى الْوَالِي حَتَّى يُغَيِّرَهُ، وَمِنْهَا بَيْعُ الْمَلَاهِي وَتَلْبِيسُ انْخِرَاقِ الثِّيَابِ بِالرَّفْوِ، وَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إِلَى التَّلْبِيسَاتِ، وَذَلِكَ يَطُولُ إِحْصَاؤُهُ فَلْيُقَسْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مَا لَمْ نَذْكُرْهُ.

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست