responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 135
تَحْسِينُ مَا يَقْبَلُ التَّحْسِينَ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَآكَدُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تُبَلِّغَهُ ثَنَاءَ مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ مَعَ إِظْهَارِ الْفَرَحِ، فَإِنَّ إِخْفَاءَ ذَلِكَ مَحْضُ الْحَسَدِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنْ تَشْكُرَهُ عَلَى صَنِيعِهِ فِي حَقِّكَ بَلْ عَلَى نِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ، وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ تَأْثِيرًا فِي جَلْبِ الْمَحَبَّةِ الذَّبُّ عَنْهُ فِي غَيْبَتِهِ مَهْمَا قُصِدَ بِسُوءٍ أَوْ تَعَرُّضٍ لِعِرْضِهِ بِكَلَامٍ صَرِيحٍ أَوْ تَعْرِيضٍ، فَحَقُّ الْأُخُوَّةِ التَّشْمِيرُ فِي الْحِمَايَةِ وَالنُّصْرَةُ وَتَبْكِيتُ الْمُتَعَنِّتِ وَتَغْلِيظُ الْقَوْلِ عَلَيْهِ، وَالسُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ مُوغِرٌ لِلصَّدْرِ، وَمُنَفِّرٌ لِلْقَلْبِ، وَتَقْصِيرٌ فِي حَقِّ الْأُخُوَّةِ، وَإِهْمَالُهُ لِتَمْزِيقِ عِرْضِهِ كَإِهْمَالِهِ لِتَمْزِيقِ لَحْمِهِ، فَأَخْسِسْ بِأَخٍ يَرَاكَ وَالْكِلَابُ تَفْتَرِسُكَ وَتُمَزِّقُ لُحُومَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ لَا تُحَرِّكُهُ الشَّفَقَةُ وَالْحَمِيَّةُ لِلدَّفْعِ عَنْكَ، وَتَمْزِيقُ الْأَعْرَاضِ أَشَدُّ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ تَمْزِيقِ اللُّحُومِ، وَلِذَلِكَ شَبَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَكْلِ لُحُومِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا) [الْحُجُرَاتِ: 12] فَإِذَنْ حِمَايَةُ الْأُخُوَّةِ بِدَفْعِ ذَمِّ الْأَعْدَاءِ وَتَعَنُّتِ الْمُتَعَنِّتِينَ وَاجِبٌ فِي عَقْدِ الْأُخُوَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: " مَا ذُكِرَ أَخٌ لِي بِغَيْبٍ إِلَّا تَصَوَّرْتُهُ جَالِسًا فَقُلْتُ فِيهِ مَا يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ لَوْ حَضَرَ ".
وَمِنْ ذَلِكَ: التَّعْلِيمُ وَالنَّصِيحَةُ فَلَيْسَ حَاجَةُ أَخِيهِ إِلَى الْعِلْمِ بِأَقَلَّ مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى الْمَالِ، فَإِنْ كُنْتَ غَنِيًّا بِالْعِلْمِ فَعَلَيْكَ مُوَاسَاتُهُ مِنْ فَضْلِكَ وَإِرْشَادُهُ إِلَى كُلِّ مَا يَنْفَعُهُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَإِنْ عَلَّمْتَهُ وَأَرْشَدْتَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمُقْتَضَى الْعِلْمِ فَعَلَيْكَ النَّصِيحَةُ وَذَلِكَ بِأَنْ تَذْكُرَ آفَاتِ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَفَوَائِدَ تَرْكِهِ، وَتُخَوِّفَهُ بِمَا يَكْرَهُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِيَنْزَجِرَ عَنْهُ، وَتُنَبِّهَهُ عَلَى عُيُوبِهِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي سِرٍّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَمَا كَانَ عَلَى الْمَلَأِ فَهُوَ فَضِيحَةٌ، وَمَا كَانَ فِي السِّرِّ فَهُوَ شَفَقَةٌ وَنَصِيحَةٌ، قَالَ " ذو النون ": " لَا تَصْحَبْ مَعَ اللَّهِ إِلَّا بِالْمُوَافَقَةِ، وَلَا مَعَ الْخَلْقِ إِلَّا بِالْمُنَاصَحَةِ، وَلَا مَعَ النَّفْسِ إِلَّا بِالْمُخَالَفَةِ ".
وَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّ فِي نُصْحِ أَخِيكَ إِيحَاشًا لِقَلْبِهِ، فَإِنَّ فِي تَنْبِيهِهِ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُهُ عَيْنَ الشَّفَقَةِ وَهُوَ اسْتِمَالَةُ الْقُلُوبِ - أَعْنِي قُلُوبَ الْعُقَلَاءِ - وَأَمَّا الْحَمْقَى فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّ مَنْ يُنَبِّهُكَ عَلَى فِعْلٍ مَذْمُومٍ تَعَاطَيْتَهُ أَوْ صِفَةٍ مَذْمُومَةٍ اتَّصَفْتَ بِهَا لِتُزَكِّيَ نَفْسَكَ عَنْهَا كَانَ كَمَنْ يُنَبِّهُكَ عَلَى حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ تَحْتَ ذَيْلِكَ وَقَدْ هَمَّتْ بِإِهْلَاكِكَ، فَإِنْ كُنْتَ تَكْرَهُ ذَلِكَ فَمَا أَشَدَّ حُمْقَكَ، وَالصِّفَاتُ الذَّمِيمَةُ عَقَارِبُ وَحَيَّاتٌ وَهِيَ فِي الْآخِرَةِ مُهْلِكَاتٌ، فَإِنَّهَا تَلْدَغُ الْقُلُوبَ وَالْأَرْوَاحَ وَأَلَمُهَا أَشَدُّ مِمَّا يَلْدَغُ الظَّوَاهِرَ وَالْأَجْسَادَ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ مِنْ نَارِ اللَّهِ الْمُوقَدَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَ " عمر " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَهْدِي ذَلِكَ مِنْ إِخْوَانِهِ وَيَقُولُ: " رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَهْدَى إِلَى أَخِيهِ عُيُوبَهُ ". وَمِنْ كِتَابِ بَعْضِ

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست