responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 128
سَلَّمَ ابْنَتَهُ الَّتِي هِيَ قُرَّةُ عَيْنِهِ وَبَذَلَ جَمِيعَ مَالِهِ. فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحَبَّ عَالِمًا أَوْ عَابِدًا أَوْ أَحَبَّ شَخْصًا رَاغِبًا فِي عِلْمٍ أَوْ فِي عِبَادَةٍ أَوْ فِي خَيْرٍ فَإِنَّمَا أَحَبَّهُ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ، وَلَهُ فِيهِ مِنَ الْأُجْرَةِ وَالثَّوَابِ بِقَدْرِ قُوَّةِ حُبِّهِ.

بَيَانُ الْبُغْضِ فِي اللَّهِ:
اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحِبُّ فِي اللَّهِ لَا بُدَّ أَنْ يُبْغِضَ فِي اللَّهِ، فَإِنَّكَ إِنْ أَحْبَبْتَ إِنْسَانًا لِأَنَّهُ مُطِيعٌ لِلَّهِ وَمَحْبُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنْ عَصَاهُ فَلَا بُدَّ أَنْ تُبْغِضَهُ لِأَنَّهُ عَاصٍ لِلَّهِ وَمَمْقُوتٌ عِنْدَ اللَّهِ.
وَمِنْ أَحَبَّ لِسَبَبٍ فَبِالضَّرُورَةِ يُبْغِضُ لِضِدِّهِ. وَإِظْهَارُ الْبُغْضِ يَكُونُ بِكَفِّ اللِّسَانِ عَنْ مُكَالَمَتِهِ وَمُحَادَثَتِهِ وَالْإِعْرَاضِ وَالتَّبَاعُدِ عَنْهُ وَقِلَّةِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ أَوْ بِالِاسْتِخْفَافِ وَالتَّغْلِيظِ فِي الْقَوْلِ وَذَلِكَ بِحَسَبِ دَرَجَاتِ الْفِسْقِ وَالْمَعْصِيَةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ؛ أَمَّا مَا يَجْرِي مَجْرَى الْهَفْوَةِ الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّهُ مُتَنَدِّمٌ عَلَيْهَا وَلَا يُصِرُّ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى فِيهِ السَّتْرُ وَالْإِغْمَاضُ.

الصِّفَاتُ الْمَشْرُوطَةُ فِيمَنْ تَخْتَارُ صُحْبَتَهُ
اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلصُّحْبَةِ كُلُّ إِنْسَانٍ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَمَيَّزَ بِخِصَالٍ وَصِفَاتٍ يَرْغَبُ بِسَبَبِهَا فِي صُحْبَتِهِ، وَجُمْلَتُهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا حَسَنَ الْخُلُقِ غَيْرَ فَاسِقٍ وَلَا حَرِيصٍ عَلَى الدُّنْيَا.
أَمَّا الْعَقْلُ فَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ الْأَحْمَقِ، فَإِلَى الْوَحْشَةِ وَالْقَطِيعَةِ تَرْجِعُ عَاقِبَتُهَا وَإِنْ طَالَتْ، وَقَدْ قِيلَ: مُقَاطَعَةُ الْأَحْمَقِ قُرْبَانٌ إِلَى اللَّهِ.
وَأَمَّا حُسْنُ الْخُلُقِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنَّ مَنْ غَلَبَهُ غَضَبٌ أَوْ شَهْوَةٌ أَوْ بُخْلٌ أَوْ جُبْنٌ وَأَطَاعَ هَوَاهُ فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَتِهِ.
وَأَمَّا الْفَاسِقُ الْمُصِرُّ عَلَى فِسْقِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي صُحْبَتِهِ، بَلْ مُشَاهَدَتُهُ تُهَوِّنُ أَمْرَ الْمَعْصِيَةِ عَلَى النَّفْسِ وَتُبْطِلُ نُفْرَةُ الْقَلْبِ عَنْهَا، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ لَا تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُ وَلَا يُوثَقُ بِصَدَاقَتِهِ بَلْ يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَغْرَاضِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) [الْكَهْفِ: 28] ، وَقَالَ تَعَالَى: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) [النَّجْمِ: 29] ، وَقَالَ تَعَالَى: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) [لُقْمَانَ: 15] وَفِي مَفْهُومِ ذَلِكَ زَجْرٌ عَنِ الْفَاسِقِ.
وَأَوْصَى «علقمة» ابْنَهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ إِذَا عَرَضَتْ لَكَ إِلَى صُحْبَةِ الرِّجَالِ حَاجَةٌ فَاصْحَبْ مَنْ إِذَا خَدَمْتَهُ صَانَكَ، وَإِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ، وَإِنْ قَعَدَتْ بِكَ مَؤُونَةٌ مَانَكَ، وَاصْحَبْ مَنْ إِذَا مَدَدْتَ يَدَكَ بِخَيْرٍ مَدَّهَا، وَإِنْ رَأَى مِنْكَ حَسَنَةً عَدَّهَا، وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست