responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 116
هَذَا سَائِرَ التَّقْدِيرَاتِ حَتَّى فِي الذَّرْعِ الَّذِي يَتَعَاطَاهُ الْبَزَّازُ فَإِنَّهُ إِذَا اشْتَرَى أَرْسَلَ الثَّوْبَ فِي وَقْتِ الذَّرْعِ وَلَمْ يَمُدَّهُ مَدًّا، وَإِذْ بَاعَهُ مَدَّهُ فِي الذَّرْعِ لِيُظْهِرَ تَفَاوُتًا فِي الْقَدْرِ، فَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ التَّطْفِيفِ الْمُعَرِّضِ صَاحِبَهُ لِلْوَيْلِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَصْدُقَ فِي سِعْرِ الْوَقْتِ وَلَا يُخْفِيَ مِنْهُ شَيْئًا فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ ; أَمَّا تَلَقِّي الرُّكْبَانِ فَهُوَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الرُّفْقَةَ وَيَتَلَقَّى الْمَتَاعَ وَيَكْذِبَ فِي سِعْرِ الْبَلَدِ فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَتَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ وَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ بَعْدَ أَنْ يَقْدَمَ السُّوقَ.
وَنَهَى أَيْضًا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَهُوَ أَنْ يَقْدَمَ الْبَدَوِيُّ الْبَلَدَ وَمَعَهُ قُوتٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَسَارَعَ إِلَى بَيْعِهِ فَيَقُولَ لَهُ الْحَضَرِيُّ: " اتْرُكْهُ عِنْدِي حَتَّى أُغَالِيَ فِي ثَمَنِهِ وَأَنْتَظِرَ ارْتِفَاعَ سِعْرِهِ ".
وَنَهَى أَيْضًا عَنِ النَّجْشِ وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى الْبَائِعِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّاغِبِ الْمُشْتَرِي وَيَطْلُبَ السِّلْعَةَ بِزِيَادَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُهَا وَإِنَّمَا يُرِيدُ تَحْرِيكَ رَغْبَةِ الْمُشْتَرِي فِيهَا.
فَهَذِهِ الْمَنَاهِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُلَبِّسَ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي سِعْرِ الْوَقْتِ وَيَكْتُمَ مِنْهُ أَمْرًا لَوْ عَلِمَهُ لَمَا أَقْدَمَ عَلَى الْعَقْدِ، فَفِعْلُ هَذَا مِنَ الْغِشِّ الْحَرَامِ الْمُضَادِّ لِلنُّصْحِ الْوَاجِبِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْتَنِمَ فُرْصَةً وَيَنْتَهِزَ غَفْلَةَ صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَيُخْفِيَ مِنَ الْبَائِعِ غَلَاءَ السِّعْرِ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي تَرَاجُعَ الْأَسْعَارِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ ظَالِمًا تَارِكًا لِلْعَدْلِ وَالنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَمَهْمَا بَاعَ مُرَابَحَةً بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُ بِمَا قَامَ عَلَيَّ أَوْ بِمَا اشْتَرَيْتُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصْدُقَ، ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِمَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ نُقْصَانٍ.

الْإِحْسَانُ فِي الْمُعَامَلَةِ:
قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ جَمِيعًا، وَالْعَدْلُ سَبَبُ النَّجَاةِ فَقَطْ وَهُوَ يَجْرِي مِنَ التِّجَارَةِ مَجْرَى سَلَامَةِ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْإِحْسَانُ سَبَبُ الْفَوْزِ وَنَيْلِ السَّعَادَةِ وَهُوَ يَجْرِي مِنَ التِّجَارَةِ مَجْرَى الرِّبْحِ، وَلَا يُعَدُّ مِنَ الْعُقَلَاءِ مَنْ قَنَعَ فِي مُعَامَلَاتِ الدُّنْيَا بِرَأْسِ مَالِهِ فَكَذَا فِي مُعَامَلَاتِ الْآخِرَةِ.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُتَدَيِّنِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْعَدْلِ وَاجْتِنَابِ الظُّلْمِ وَيَدَعَ أَبْوَابَ الْإِحْسَانِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [الْقَصَصِ: 77] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) [النَّحْلِ: 90] وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الْأَعْرَافِ: 56] وَيَنَالُ الْمُعَامِلُ رُتْبَةَ الْإِحْسَانِ بِوَاحِدٍ مِنْ سِتَّةِ أُمُورٍ:
الْأَوَّلُ: فِي الْمُغَابَنَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَغِبْنَ صَاحِبَهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ فِي الْعَادَةِ، فَأَمَّا أَصْلُ الْمُغَابَنَةِ فَمَأْذُونٌ فِيهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لِلرِّبْحِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إِلَّا بِغَبْنٍ وَلَكِنْ يُرَاعَى فِيهِ التَّقْرِيبُ، وَمَنْ قَنِعَ بِرِبْحٍ قَلِيلٍ كَثُرَتْ مُعَامَلَاتُهُ وَاسْتَفَادَ مِنْ تَكَرُّرِهَا رِبْحًا كَثِيرًا وَبِهِ تَظْهَرُ الْبَرَكَةُ.
الثَّانِي: فِي احْتِمَالِ الْغَبْنِ، وَالْمُشْتَرِي إِنِ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ ضَعِيفٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ فَقِيرٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَمِلَ الْغَبْنَ وَيَتَسَاهَلَ وَيَكُونَ بِهِ مُحْسِنًا وَدَاخِلًا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: رَحِمَ اللَّهُ سَهْلَ

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست