نام کتاب : موارد الظمآن لدروس الزمان نویسنده : السلمان، عبد العزيز جلد : 1 صفحه : 35
مَوْلاَهَا، وَلا تَصِلُ إِلَى مَوْلاَهَا حَتَّى تَكُونَ صَحِيحَةً سَلِيمَةً، ولا تكون صَحِيحَةٌ سَلِيمَةً حَتَّى يَنْقَلِبَ دَاؤُهَا فَيَصِيرَ نَفْسَ دَوَائِهَا.
ولا يَصِحُ لَهَا ذَلكَ إَلا بِمُخَالَفَةِ هَوَاهَا، فهواها مرضُها، وشفاها مخالفتهُ، فإن استحكم المرض قتل أو كاد.
وكما أنَّ مَن نَهَى نفسهُ عن الهوى كانت الجنة مأواه، كذلك يكون قلبه في هذه الدار في جنة عاجلة لا يشبه نعيم أهلها نَعيمًا البتة.
بل التفاوتُ الذي بين النعيمين كالتفاوت الذي بين نَعِيمَ الدنيا ونعيم الآخرة، وهذا أمر لا يصدق به إلا من بَاشَرَ قلبه هذا وهذا.
ولا تحسب أن قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} مقصور على نعيم الآخرة وجحيمها فقط، بل في دورهم الثلاثة كذلك.
أعني: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار، فهؤلاء في نعيم، وهؤلاء في جحيم، وهل النعيم إلا نعيم القلب؟ وهل العذاب إلا عذاب القلب؟ .
وأي عذابٍ أَشَدُّ مِنَ الخوفِ والهمَّ والحزنِ وضيقِ الصدرِ وإعراضِهِ عن الله والدار الآخرة وَتَعَلُّقِهِ بغيرِ اللهِ وانقطاعِهِ عن اللهِ؟ بكل واد منه شعبة، وكل شيء تعلق به وأَحَبَّهُ مِن دونِ اللهِ فإنه يَسُومُه سُوءَ العذاب.
فَكُلُ مَنْ أَحَبَّ شيْئًا غيرَ اللهِ عُذِبَ به ثَلاثَ مَرَّات: في هذه الدار، فهو يعذب به قبل حصوله حتى يحصل، فإذا حَصَل عُذِّبَ به حَال حُصولِهِ بالخوفِ مِن سَلْبِهِ وفواتِهِ والتنغيصِ والتنكيدِ عليه وأنواع المعارضات، فإذا سُلِبَهُ اشْتَدَّ عَذَابهُ عليه.
فهذه ثلاثةُ أنواع من العذاب في هذه الدار. وأما في البرزخ فعذاب يقارنه أَلَمُ الفراق الذي لا يرجى عوده، وألم فوات ما فاته مِن النعيم العظيم باشتغاله بضده، وألم الحِجَابِ عن الله، وألم الحسرةِ التي تقطع الأَكباد.
نام کتاب : موارد الظمآن لدروس الزمان نویسنده : السلمان، عبد العزيز جلد : 1 صفحه : 35