نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 207
لمثل ذلك. وكانوا يعيثون في أعيادهم فسادًا, فألغاها وجعل بدلًا منها أعيادًا كريمة نظيفة زاخرة بالمعاني الطيبة والأهداف الرفيعة.
وحين قطع علاقة القربى في أول عهده، مع المشركين الذين لم يكونوا قد أسلموا بعد، ملأ فراغها بالولاية بين المؤمنين وجعلها مكان القربى، فملأت فراغها حقيقة وصارت تعدل في حسهم صلة الدم، حتى إن المؤاخاة التي جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وصلت بالأخيرين إلى اقتسام كل شيء مع المهاجرين: {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [1] وكانت تصل إلى حد الاشتراك في الميراث.
وهكذا لم يعد في نفوس المؤمنين فراغ.
وتلك من أنجح الوسائل في تربية النفس، خاصة حين تمنع النفس -لتقويمها- من شيء من رغائبها. فالوسيلة الصحيحة لملء فراغ هذه الرغبة، هي إيجاد نشاط جديد لهذه الرغبة ذاتها، أو لرغبة سواها، فالنفس من الداخل كلها وثيقة الاتصال! [1] سورة الحشر 9.
التربية بالأحداث:
الحياة الدنيا كد وكدح ونصب ... وتفاعل دائم مع الأحداث. وما دام الناس أحياء فهم عرضة على الدوام للأحداث.. تقع بسبب تصرفاتهم الخاصة، أو لأسباب خارجة عن تقديرهم وخارجة عن إرادتهم. والمربي البارع لا يترك الأحداث تذهب سدى بغير عبرة وبغير توجيه. وإنما يستغلها لتربية النفوس وصقلها وتهذيبها، فلا يكون أثرها موقوتًا لا يلبث أن يضيع.
ومزية الأحداث على غيرها من وسائل التربية أنها تحدث في النفس حالة خاصة، هي أقرب للانصهار. إن الحادثة تثير النفس بكاملها، وترسل فيها قدرًا من حرارة التفاعل والانفعال يكفي لصهرها أحيانًا، أو الوصول بها إلى قرب الانصهار. وتلك حالة لا تحدث كل يوم في النفس. وليس من اليسير
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 207