نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 205
عنها علم النفس التحليلي والأطباء النفسيون، مردها إلى طاقة مختزنة بلا مبرر، لم تجد منصرفها الطبيعي، ولم تجد منصرفها الصحيح.
لذلك لا يخزن الإسلام هذه الطاقة. وبذلك يقي النفس من كثير من أنواع الانحراف المعروفة في علم النفس، فلا تنشأ فيها تلك العقد المدمرة والاضطرابات التي تبدد طاقتها. ويعالجها كذلك بنفس الطريقة إذا حدث -لسبب من الأسباب- أن أصيبت بذلك الانحراف، ولا شيء يعالج النفس أكثر من إطلاق شحنتها في عمل إيجابي يحقق كيان الإنسان، ويحقق إحساسه بذاتيته، ويفرغ كذلك الإفرازات المختزنة التي تسبب المرض والاضطراب.
من أمثلة ذلك ما يلجأ إليه الإسلام من تفريغ طاقة الكره -وهي طاقة فطرية طبيعية- في كره الشيطان واتباع الشيطان، والشر الذي ينشئه الشيطان وأتباعه على وجه الأرض. بهذه الطريقة لا يتحول الكره إلى طاقة سامة مبعثرة لنشاط الإنسان ومسممة لكيانه. وفي الوقت ذاته يتحقق بها كيان إيجابي للفرد حين يعمل في واقع الأرض لمقاومة الشر، ويتدرب كيانه وينضج بهذه المقاومة والجهاد. وفوق ذلك يتحقق هدف إنساني أعلى، بتنظيف المجتمع من الفساد والشر، وتتحقق الغاية من خلق الإنسان وتكريمه وتفضيله واستخلافه في الأرض.
وكذلك تفريغ طاقة الحب في حب الله والكون والناس والأحياء والخير بوجه عام. إنه يؤدي الأهداف السابقة ذاتها، فطاقة الحب -ذلك الإفراز البشري- قمينة إذا لم تفرغ شحنتها أولًا بأول، أو لم تفرغها في منصرفها الطبيعي، أن تفسد وتتحول إلى طاقة سامة مدمرة لكيان الإنسان! ذلك حين يحول الإنسان كل طاقة الحب مثلًا إلى نفسه.. إلى ذاته.. إلى عشق الذات وعبادتها! لأنها مختزنة لا تجد طريقها إلى خارج النفس. أو يحولها إلى معشوقات صغيرة في عالم الحس من طعام وشراب وجنس ولذائذ لأنها لا تجد طريقها الصحيح. أو يحولها إلى حب الفاسد من الناس والأفكار والأشياء.
بينما يضمن الإنسان حين يفرغها أولًا بأول، وفي منصرفها الصحيح، أن تتحول إلى ثمرة جنية في داخل النفس وفي واقع الحياة. تنصرف في سبيل الخير، وتعطي الإنسان كيانًا إيجابيًّا فاعلًا، وتحقق غاية الله من خلق الإنسان. وعلى هذا النحو ذاته يفرغ الإسلام الطاقة الحيوية في الجهاد والزرع
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 205