نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 170
وبذلك يرتكس الإنسان بجانبيه جميعًا في عبودية كاملة وحيوانية مطلقة.
والإسلام -كما عهدناه- يوقع على جميع أوتار النفس، ويوقع عليها بالنغم المناسب والقدر المضبوط.
يوقع على خط الالتزام. فيفرض قدرًا معينًا من الأوامر والنواهي والتعليمات والتنظيمات.. القدر الذي تحتمه الضرورة، والذي يفسد المجتمع بدونه. ثم يحتاط، فلا يجعله التزامًا للدولة في ذاتها، ولا لأولي الأمر بذاته، ولا للمجتمع، ولا للتقاليد.. وإنما هو التزام.. لله. لله فقط. لا لأحد من البشر.
ومن ثم يتحرر الضمير البشري من كل عبودية لغير الله.
ويوقع على خط التطوع -أو عدم الميل للشعور بالالتزام- فيحبب لنفس أولا أن تؤدي كل ما عليها من الالتزام خالصًا لوجه الله.. فيرتفع من صورة الالتزام القاهر إلى الرغبة الذاتية في الأداء. وتلك هي الثمرة الحقيقية للإيمان. ثم هو يدع الباب مفتوحًا -بعد أداء ذلك الحد الأدنى من الالتزامات الضرورية لحفظ المجتمع من الفساد- يدع الباب مفتوحًا للتطوع الحقيقي الصاعد السامق النبيل، دون فرض أو إلزام أو إكراه. إنما هو حقيقة تطوع، يصنعه الإنسان ليرتفع في درجات الإيمان ودرجات القرب من الله. {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [1].
يفرض الإسلام التزامات معينة، هي "الفرائض" والحدود. وهي كثيرة ومتشعبة تشمل العبادات والمعاملات، وسياسة الحكم وسياسة المال، والقوانين الجنائية والمدنية والتجارية والدولية.. إلخ. وهذه -فيما عدا العبادات- التزامات متفق عليها في كل النظم. ينبغي أن تفرض فرضًا، وأن تقوم عليها سلطة تضمن تنفيذها. وهي من جانب آخر تستجيب لنزعة الالتزام الفطرية في كيان الإنسان.
ولكن الإسلام أولًا يضيف إليها التزامات العبادة. وذلك فارق رئيسي بينه وبين كل النظم الأرضية. التي لا يهمها تنظيف القلب البشري من الباطن، وتكتفي بتنظيفه من الظاهر، ولو كان ينطوي من الداخل على قذارات! [1] سورة الأنعام 132.
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 170