نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 166
الولاء لله بالذات، لأن هذا الولاء لله هو الذي يؤلب البشر على الضغاة ويحفزهم أن يقفوا لطغيانهم بالمرصاد، و "من رأى منكم منكرًا فليغيره"!
هذه الصلة الفردية الشخصية بالله هي التي تمنح الإنسان وجوده المستقل، فلا ينبهم ولا يضيع في القطيع.
وثمت عنصر آخر يربي هذه الفردية المستقلة، ويميز كل شخص بمفرده في داخل حسه: إنها المسئولية الفردية عن الأعمال. {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [1]. {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة} [2]. {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [3]. {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [4].
فهي إذن تبعة فردية: كل إنسان مسئول عن عمله، لا يستطيع أن يلقي حمله على غيره، ولا هو يتلقى على كتفه أحمال الآخرين. والشعور الدائم بهذه المسئولية الفردية يحدد للإنسان في داخل نفسه كيانًا متميزًا واضح الحدود، أعصابه صاحية لكل ما يمسه ولو من بعيد!
ذلك غذاء الفردية في الإسلام!
ولكنه غذاء عجيب جدًّا، يؤدي هو ذاته لبث الروح الجماعية في قلب الإنسان!
إن الله الذي يتصل به القلب ويقبس منه النورانية والشفافية، هو الذي يلين قلب الإنسان لأخيه، فيحبه ويمنحه من نفسه، ويفنى فيه!
{وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [5].
منتهى الحب. ومنتهى البذل. ومنتهى الإيثار.
والحب هو الرباط الحي الذي يربط الجماعة.. يشدها كالبنيان المرصوص.. فإذا كل لبنة قائمة بذاتها قوية الوجود.. ثم إذا البناء كله جماعة.. ليست فيه لبنة ناشزة خارجة عن الحدود! [1] سورة فاطر 18. [2] سورة المدثر 38. [3] سورة البقرة 48. [4] سورة القيامة 14-15. [5] سورة الحشر 9.
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 166