نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 128
كله في أعماقه، يوجهان في الواقع اتجاه الحياة، ويحددان للإنسان أهدافه وسلوكه ومشاعره وأفكاره. فعلى قدر ما يخاف، ونوع ما يخاف. وعلى قدر ما يرجو، ونوع ما يرجو. يتخذ لنفسه منهج حياته، ويوفق بين سلكوه وبين ما يرجو وما يخاف.
الذي يخاف الموت. لا يقدم. والذي يخاف الفقر يجعل همه المال. والذي يخاف السلطان يتحاشى كل عمل يعرضه للصدام. والذي يخاف الألم أو الهزيمة يفر من المعركة.. معركة الحياة الكبرى. وينحسر بنفسه عن المغالبة والاقتحام.
والذي لا يخاف شيئًا من هذا كله فهو متحرر منه، طليق من ضغطه عليه، مقتحم متمكن غلاب.
والذي يتطلع إلى الجاه والسلطان والمكانة والغنى والنعيم ... يرسم أهدافه على أساس ذلك، ويتخذ الوسائل التي توصل لما يريد.
أما إن كان لا يتطلع إلى شيء من ذلك فلن يتخذ له الوسائل، وهو متحرر من ضغطها عليه، مالك لنفسه إزاءها، لا يستعبد، ولا يهون.
وهكذا يتحكم هذان الخطان في حياة البشرية.
والتربية الناجحة توقع على هذين الوترين ما يربي النفس، ويشفيها من انحرافها، ويقويها ويقومها، ويضعها في وضعها الصحيح.
والإسلام يحكم رباط الوتر أولًا قبل التوقيع عليه حتى لا تصدر عنه نغمة نشاز.
إن الوتر غير المحكم الرباط، والوتر المشدود أكثر مما ينبغي، يصدران أنغامًا شاذة تنفر منها الأذن السليمة، ولا يستريح إليها الوجدان.
ومن أجل ذلك يعمد العازف إلى إحكام الوتر قبل أن يبدأ الغزف الحقيقي. ضربة هنا وربطة هناك. ثم يستوي الوتر بين أصابعه متقن النغمة سليم الإيقاع.
والإسلام يعمد إلى خطي الخوف والرجاء، فينفض عنهما أولًا كل خوف فاسد وكل رجاء منحرف، ثم يعمد إليهما بعد ذلك فيوقع عليهما الإيقاع الصحيح الذي يصدر عن نفس بشرية سوية ينبغي لها أن ترجو وينبغي لها أن تخاف.
ينفض من وتر الخوف أولًا كل ما يرهق كاهل البشر من مخاوف زائفة.. زائفة لأنه لا طائل وراءها: لا تقدم ولا تؤخر. ولا تغير شيئًا من واقع الأمر!
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 128