نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 114
عن الكرامة في ذات الوقت الذي أبحث فيه عن طعام.
وليس معناه أن أعيش لآكل. ففي الحياة أهداف أخرى جديرة بالتحقيق. والطعام ليس هدفًا في ذاته. وإنما هو وسيلة لهدف. وسيلة لحفظ الحياة. فلأجعل في بالي أنه وسيلة. ولا أقلب الوسيلة إلى غاية، ولا أجعل هي كله هو الطعام، والتفنن فيه والتلذذ به كأنه وحده شاغل الحياة.
وليس معناه أن آكل وحدي وأنسى المحرومين من الطعام. فهم إخوة لي في الإنسانية، وأنا وهم شركاء في السراء والضراء. وشركاء في الخير المشترك. وقد أتيت بهذا الطعام من حلال مالي. ولكني لا أستحله كله وحولي جائع أو محروم. فلأقتطع قطعة منه فآكل ويأكل معي آخرون ...
هكذا يدور الحديث بين الإنسان ونفسه على وعي مرة وعلى تعود مرات. وتلك كلها "ضوابط" لشهوة الطعام ليس فيها "كابت" واحد يحرم الطعام!
وحين يقوم هذا الحديث بين الإنسان ونفسه على وعي أو على تعود، فلن يفسد عليه قط لذة الاستمتاع بالطعام، فأي شيء في كل ذلك يفسدها؟! وإنما هو يستجد لنفسه لذائذ جديدة لم تكن من قبل. إنه يستمتع باللذة الحسية البحتة.. اللذة "الكيماوية" والعصبية والمادية. ولكنه يضيف إليها في ذات الوقت لذائذ نفسية وروحية. يضيف إليها الإحساس بآدميته المترفعة عن التلمظ على الطعام و"لهطه" كالحيوان! ويضيف إليها لذة الشعور بالاختيار الحر إزاء دفعة الغريزة، فإن هذا الاختيار يشعر الإنسان بكيانه. يشعره بأنه موجود. موجود بقدر ما يختار. ويضيف إليها لذة الإحساس بالمشاركة الوجدانية مع الآخرين من بني البشر. ويضيف إليها متعة الروح بشعور الإنسان أنه يتطهر -في كسب طعامه وأداء زكاته- لله، ويعيش في رحابه ويتطلع إلى رضاه.
ذلك كله بالإضافة إلى اللذة الحسية غير المنقوصة. فمن ذا الذي يترك هذا النعيم المتاح كله ويخلد إلى الطين, ويقصر نفسه على متاع الحيوان؟!
وكذلك الأمر في شئون الجنس.
فحين يقول إنسان لنفسه:
إنني أحس في أعماقي بحنين إلى الجنس الآخر، ورغبة قوية في اللقاء بأحد
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 114