وعبد الله بن عمر أخذ عنه نافع وسالم وابنه، وما توفي أئمتهم وعلماؤهم إلا وكل واحد منهم قد أمسك بزمام العلم في بلده، وأصبح عَلَماً من أعلام المسلمين، وإمام من أئمة الدين، وورِثَ علم شيخه، وصار أشبه الناس بسمته ودله، وأحفظهم لأقواله وفتاويه واختياراته.
ب- أن يكون هذا العالم في غير بلدك وفي غير موضعك: وحينئذٍ تحرص على الرحلة، غامر وتغرّب لوجه الله، واحتسب عند الله الخطوات من أجل لقاء العلماء، فإن الله تبارك وتعالى ذكر في كتابه الرحلة في طلب العلم، وحثّ عليها الأخيار، وشحذ إليها همم الأبرار، فقال سبحانه وتعالى: ((فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)) [التوبة:122] . وكان من هدي السلف الصالح: الرحلة في طلب العلم، ووالله ما أنَتشَرَتْ العلوم، ولا دُوّنت دواوين الإسلام، وحفظت كتبه بشيء مثل الرحلة في طلب العلم، هذه الرحلة التي لا يرفع فيها طالب العلم قدمه ويضعها –يتغرب عن الأوطان، ويفارق الأحبة والخلان، ويحتسب عند الله عز وجل، كل ذلك من أجل القرآن والسنة- إلا أحبه الله ورفع درجته وأعلى مكانته.