نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي جلد : 1 صفحه : 357
خير لهم مني، قال: إذاً لا نخزيك فيهم، وقال سفيان الثوري رضي الله عنه: ما أحب أن يجعل حسابي إلى أبوي لأني أعلم أن الله تبارك وتعالى أرحم بي منهما.
وروينا في خبر سلمة بن وردان عن أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل ربه تعالى في ذنوب أمته فقال: ياربّ اجعل حسابهم إلي لئلا يطلع على مساوئهم غيري فأوحى الله تعالى إلىه: هم أمتك وهم عبادي وأنا أرحم بهم منك لا أجعل حسابهم إلى غيري كيلا تنظر في مساوئهم أنت ولا غيرك، وقد روينا عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال حياتي خير لكم وموتي خيرلكم، أما حياتي فإني أبين لكم السنن وأشرع الشرائع، وأما موتي فأعمالكم تعرض عليّ فما رأيت منها حسناً حمدت الله عزّ وجلّ وما رأيت منها شيئاً استغفرت الله عزّ وجلّ لكم.
وروينا في الأثر: إذا تاب العبد من ذنوبه أنسى الله عزّ وجلّ ملائكته وبقاع الأرض معاصيه وبدلها حسنات حتى يرد القيامة وليس شيء يشهد عليه، وكذلك يقال: إن المؤمن إذا عصاه ستره الله تعالى عن أبصار الملائكة كيلا تراه فتشهد عليه، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم: ياكريم العفو، فقال له جبريل عليه السلام: تدري ما تفسير يا كريم العفو هو أنه عفا عن السيئات برحمته ثم بدلها حسنات بكرمه، وسمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة، فقال: هل تدري ما تمام النعمة؟ قال: لا، قال: دخول الجنة، وقد أخبرنا الله تعالى أنه قد أتمّ نعمته علينا برضاه الإسلام لنا؛ فهذا دليل على دخول الجنة، فقال عزّ وجلّ: (اليْوَمَ أَكمْلتُ لَكُمْ دينَكمُ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإسلام ديناً) المائدة: 3 وقد اشتركنا في ذلك مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنحن نرجو المغفرة لذنوبنا بفضله، فقال عزّ من قائل: (ليغفرلك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر يتمّ نعمته عليك) ، وفي خبر علي رضي الله عنه: من أذنب ذنباً فستره الله تعالى عليه في الدنيا، فالله تبارك وتعالى أكرم من أن يكشف ستره في الآخرة، ومن أذنب ذنباً فعوقب عليه في الدنيا فالله تعالى أعدل من أن يثني عقوبته على عبده في الآخرة، وفي لفظ آخر: لا يذنب عبد في الدنيا فيستره الله تعالى عليه إلا غفر له في الآخرة.
وعن بعض السلف: كل عاصٍ فإنه يعصي تحت كنف الرحمن، والكنف من الإنسان حضنه ما بين يديه وصدره، قال: فمن ألقى عليه كنفه ستر عورته ومن رفع عنه كنفه افتضح، ويقال: إن من فضح في الدنيا بذنب فهو كفّارته ولا يفضح به في الآخرة.
وفي الخبر: إذا أذنب العبد فاستغفر الله، يقول الله سبحانه وتعالى لملائكته: انظروا إلى عبد أذنب ذنباً فعلم أن له ربَّاً يغفرالذنب فيأخذ بالذنب، أشهدكم أني قد غفرت له، وحدثت عن محمد بن مصعب قال: كتب إلى أسود بن سالم بخطّه: إن العبد إذا كان مسرفاً على نفسه؛ يرفع يديه يدعو يقول: ياربّ فإذا قال ياربّ، حجبت
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي جلد : 1 صفحه : 357