responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 76
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِامْرَأَةٍ حَجَّتْ مُصْمِتَةً: إنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ آبَائِهِ أَنَّهُ قَالَ: صَوْمُ الصَّمْتِ حَرَامٌ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: أَيُّ الْجَارِحَتَيْنِ أَفْضَلُ اللِّسَانُ أَمْ الْعَيْنَانِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَيُّ الْجَارِحَتَيْنِ أَفْضَلُ اللِّسَانُ أَمْ الْعَيْنَانِ؟ لَا شَكَّ أَنَّ أَشْرَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ مَحَلُّ الْعِلْمِ مِنْهُ وَهُوَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَلَمَّا كَانَ الْقَلْبُ هُوَ مَحَلُّ الْعِلْمِ، وَالسَّمْعُ رَسُولُهُ الَّذِي يَأْتِي بِهِ، وَالْعَيْنُ طَلِيعَتُهُ، كَانَ مَلِكًا عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ يَأْمُرُهَا فَتَأْتَمِرُ بِأَمْرِهِ، وَيَصْرِفُهَا فَتَنْقَادُ لَهُ طَائِعَةً بِمَا خُصَّ بِهِ مِنْ الْعِلْمِ دُونَهَا، فَلِذَلِكَ كَانَ مَلِكَهَا وَالْمُطَاعَ فِيهَا.
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ: اللِّسَانُ أَحَدُ آيَاتِ اللَّهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ تُرْجُمَانُ مَلِكِ الْأَعْضَاءِ يُبَيِّنُ عَنْهُ وَيُبَلِّغُ عَنْ مَقَاصِدِهِ وَمُرَادَاتِهِ، فَجَعَلَهُ سُبْحَانَهُ تُرْجُمَانًا لِمَلِكِ الْأَعْضَاءِ الَّذِي هُوَ الْقَلْبُ مُبَيِّنًا عَنْهُ، كَمَا جَعَلَ الْأُذُنَ رَسُولًا مُؤَدِّيًا مُبَلِّغًا إلَيْهِ، فَهِيَ رَسُولُهُ وَبَرِيدُهُ الَّذِي يُؤَدِّي إلَيْهِ الْأَخْبَارَ، وَاللِّسَانُ رَسُولُهُ وَبَرِيدُهُ الَّذِي يُؤَدِّي عَنْهُ مَا يُرِيدُ.
وَاقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ جُعِلَ هَذَا الرَّسُولُ مَصُونًا، مَحْفُوظًا مَسْتُورًا غَيْرَ بَارِزٍ مَكْشُوفٍ كَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ وَالْأَنْفِ، لِأَنَّ تِلْكَ الْأَعْضَاءَ لَمَّا كَانَتْ تُؤَدِّي مِنْ الْخَارِجِ إلَيْهِ جُعِلَتْ بَارِزَةً ظَاهِرَةً، وَلَمَّا كَانَ اللِّسَانُ مُؤَدِّيًا مِنْهُ إلَى الْخَارِجِ جُعِلَ مَسْتُورًا مَصُونًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي إخْرَاجِهِ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ خَارِجٍ إلَى الْقَلْبِ.
قَالَ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَشْرَفَ الْأَعْضَاءِ بَعْدَ الْقَلْبِ، وَمَنْزِلَتُهُ مِنْهُ مَنْزِلَةُ تَرْجُمَانِهِ وَوَزِيرِهِ، ضُرِبَ عَلَيْهِ سُرَادِقٌ يَسْتُرُهُ وَيَصُونُهُ، وَجُعِلَ فِي ذَلِكَ السُّرَادِقِ كَالْقَلْبِ فِي الصَّدْرِ.
فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ أَشْرَفَ الْأَعْضَاءِ بَعْدَ الْقَلْبِ اللِّسَانُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

مَطْلَبٌ هَلْ السَّمْعُ أَفْضَلُ أَمْ الْبَصَرُ
؟ .
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَمَّا كَانَ لِلسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنْ الْإِدْرَاكِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَعْضَاءِ كَانَا فِي أَشْرَفِ جُزْءٍ مِنْ الْإِنْسَانِ وَهُوَ وَجْهُهُ. وَاخْتُلِفَ

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست