responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 40
وَقِيلَ أَوَّلُ مَا خُلِقَ الْمَاءُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَعْدَ نُورِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِضَافَتُهُ إلَى الْإِلَهِ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ «لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» إضَافَةُ مَزِيدِ تَعْظِيمٍ وَتَفْخِيمٍ، وَإِلَّا فَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا دُونَ ذَلِكَ مَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ وَتَحْتَ الْأَرْضِ (يَنْفَعُنَا) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَهُ وَإِخْوَانَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا سِيَّمَا أَهْلُ مَذْهَبِهِ، فَتَكُونُ الْكَلِمَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا، أَوْ أَرَادَ نَفْسَهُ فَتَكُونُ (نَا) لِلتَّعْظِيمِ، وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ بِقَالِهِ وَحَالِهِ وَالنَّفْعُ ضِدُّ الضُّرِّ، وَالِاسْمُ الْمَنْفَعَةُ.
وَالنَّفْعُ بِهَا يَكُونُ بِالْعَمَلِ وَالِاشْتِغَالِ بِهَا وَيَكُونُ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ مِنْ أَجْلِ مَنْ قَرَأَهَا وَانْتَفَعَ بِهَا، فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، أَوْ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.
وَقَدْ أَوْصَلَ السُّيُوطِيّ مَنْ يَجْرِي عَمَلُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى عَشْرٍ، وَزَادَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَاقِي الْأَثَرِيُّ الْحَنْبَلِيُّ عَلَيْهَا ثَلَاثَةً، وَنَظَمَهَا السُّيُوطِيّ فِي أَبْيَاتٍ فَغَيَّرَ بَعْضَهَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا وَزَادَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَالَ:
إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ جَاءَ يَجْرِي ... عَلَيْهِ الْأَجْرُ عَدَّ ثَلَاثَ عَشْرَ
عُلُومٌ بَثَّهَا وَدُعَاءُ نَجْلٍ ... وَغَرْسُ النَّخْلِ وَالصَّدَقَاتُ تَجْرِي
وِرَاثَةُ مُصْحَفٍ وَرِبَاطُ ثَغْرٍ ... وَحَفْرُ الْبِئْرِ أَوْ إجْرَاءُ نَهْرِ
وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ ... شَهِيدٌ فِي الْقِتَالِ لِأَجَلِ بِرِّ
كَذَا مَنْ سَنَّ صَالِحَةً لِيُقْفَى ... فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيثَ بِشِعْرِ
وَقَدْ ذَكَرْت فِي كِتَابِي الْقَوْلِ الْعَلِيِّ فِي شَرْحِ أَثَرِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ مِنْ فَضْلِ الْعِلْمِ وَتَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ مَا يَكْفِي وَيَشْفِي (بِهَا) أَيْ بِالْجُمْلَةِ الَّتِي يَنْظِمُهَا مِنْ الْأَدَبِ الْمَأْثُورِ، وَلَعَلَّ إلَهَ الْعَرْشِ (يُنْزِلُنَا) مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ سِيَّمَا الْمُعْتَنَيْنَ بِهَذِهِ الْآدَابِ الْمَأْثُورَةِ قِرَاءَةً وَكِتَابَةً وَحِفْظًا وَإِقْرَاءً وَغَيْرَ ذَلِكَ (فِي) يَوْمِ (الْحَشْرِ) أَيْ الْجَمْعِ.
وَيَعْنِي حَشْرَ الْخَلَائِقِ مِنْ قُبُورِهِمْ إلَى الْمَوْقِفِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا كَمَا بَدَأَهُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مِيلٍ، وَيَشْتَدُّ الزِّحَامُ، وَتَشْخَصُ الْأَبْصَارُ، وَتَذْهَلُ كُلُّ وَالِدَةٍ عَنْ وَلَدِهَا، {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 2]
فَفِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالَةِ الْمُتَحَقِّقَةِ الْوُقُوعِ لَا مَحَالَةَ تَظْهَرُ الْمَزَايَا وَتَعْظُمُ

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست