responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 359
وَأَعِي احْتِيَالِي مَا بِهِمْ فَرَمَيْتُهُمْ ... وَرَائِي وَمَا أُنْسِيتُهُمْ بَلْ تَنَاسَيْت
يَغِيظُهُمْ فَضْلِي عَلَيْهِمْ وَجَهْلُهُمْ ... كَأَنِّي قَسَمْت الْحُظُوظَ فَحَابَيْت
وَكَمْ كُرْبَةٍ أَخَّاذَةٍ بِحُلُوقِهِمْ ... مُعَمَّمَةِ الْبَلْوَى كَشَفْت وَجَلَّيْت
وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ غَزِيرَةُ الْفَوَائِدِ فَرِيدَةُ الْعَوَائِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) حَكَى صَاحِبُ الزَّوَاجِرِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّ رَجُلًا حَجَّ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَطْلُعَ إلَى الْجَبَلِ أَوْدَعَ رَجُلًا مَوْسُومًا بِالْأَمَانَةِ مَالًا لَهُ خَطَرٌ، فَلَمَّا رَجَعَ لَقِيَ الرَّجُلَ انْتَقَلَ بِالْوَفَاةِ فَسَأَلَ وَرَثَتَهُ عَنْ مَالِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، فَسَأَلَ الْعُلَمَاءَ عَنْ قَضِيَّتِهِ فَدَلَّهُ بَعْضُ الْعَارِفِينَ بِأَنَّهُ يَأْتِي زَمْزَمَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَيُنَادِي الرَّجُلَ بِاسْمِهِ فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ فَسَيُجِيبُهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ لَيَالِي فَلَمْ يُجِبْهُ فَرَجَعَ إلَى الْعَارِفِ وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ.
فَقَالَ لَعَلَّ الرَّجُلَ ذَهَبَ بِهِ ذَاتَ الشِّمَالِ فَاذْهَبْ إلَى الْيَمَنِ فَأْتِ بِئْرًا فِي وَادِي بَرَهُوتَ فَنَادِ صَاحِبَك، فَذَهَبَ الرَّجُلُ إلَى الْيَمَنِ وَقَصَدَ الْبِئْرَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَنَادَى يَا فُلَانُ فَأَجَابَهُ، فَقَالَ لَهُ أَيْنَ الْأَمَانَةُ فَوَصَفَهَا لَهُ فِي دَارِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا الَّذِي صَيَّرَك إلَى هُنَا مَعَ اشْتِهَارِك بِالْأَمَانَةِ وَالْخَيْرِ؟ فَقَالَ لَهُ أُخْتٌ كَانَ قَاطِعًا لَهَا وَتَوَسَّلَ إلَيْهِ فِي مُصَالَحَتِهَا، فَلَمَّا رَجَعَ دَعَا أَوْلَادَ الرَّجُلِ وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَحْفِرُوا الْمَوْضِعَ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ فَوَجَدَ مَالَهُ بِخَتْمِهِ ثُمَّ أَخْبَرَ أَوْلَادَهُ بِمَا صَارَ إلَيْهِ وَالِدُهُمْ وَبِمَا قَالَ لَهُ.
فَقَالُوا أَنْتَ أَوْلَى بِهَذَا الْأَمْرِ، فَطَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يُدِلُّوهُ عَلَى عَمَّتِهِمْ فَوَجَدَهَا تَتَكَفَّفُ النَّاسَ، فَذَهَبَ إلَيْهَا وَرَجَعَ أَوْلَادُ أَخِيهَا فَسَأَلَهَا عَنْ حَالِ أَخِيهَا فَنَالَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ لَا تَذْكُرُهُ لِي، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إلَى أَنْ سَامَحَتْهُ وَدَفَعَ إلَيْهَا مَالًا لَهُ خَطَرٌ، فَطَابَتْ نَفْسُهَا، فَذَكَرَ لَهَا الْقِصَّةَ فَرَّقَتْ لِأَخِيهَا وَبَكَتْ وَسَامَحَتْهُ مِنْ جَمِيعِ حُقُوقِهَا وَدَعَتْ لَهُ بِخَيْرٍ.
فَلَمَّا كَانَ وَسَطَ اللَّيْلِ ذَهَبَ الرَّجُلُ إلَى زَمْزَمَ وَنَادَى يَا فُلَانُ فَأَجَابَهُ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ جَزَاك اللَّهُ عَنِّي أَحْسَنَ الْجَزَاءِ مَا أَيْمَنَ طَلْعَتَك عَلَيَّ وَأَبْرَكَهَا، قَدْ نُقِلْت مِنْ الْعَذَابِ وَالْجَحِيمِ إلَى الرَّاحَةِ وَالنَّعِيمِ بِبَرَكَةِ طَلْعَتِك عَلَيَّ وَمُسَامَحَةِ أُخْتِي لِي. فَانْظُرْ رَحِمَك اللَّهُ إلَى هَذِهِ الْحِكَايَةِ الَّتِي يَكَادُ الصَّلْدُ لَهَا أَنْ يَلِينَ وَإِيَّاكَ وَالْقَطِيعَةَ فَإِنَّ فِيهَا الْعَذَابَ الْمُهِينَ.
فَصِلْ رَحِمَك رَحِمَك مَوْلَاك، وَخَالِفْ بِذَلِكَ نَفْسَك وَهَوَاك، وَاصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ فَإِنَّ بِذَلِكَ نَبِيَّك أَوْصَاك، وَبَالِغْ فِي الْإِحْسَانِ إلَى مَنْ أَسَاءَ إلَيْك مِنْهُمْ تُحْمَدُ بِذَلِكَ عُقْبَاك، وَحَسِّنْ أَخْلَاقَك مَعَهُمْ تُرْضَ خَلَاقُك، وَتَنَلْ رَاحَتَك، وَيُطَيَّبُ مَثْوَاك. وَاَللَّهُ

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست