responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 271
وَلَمَّا ذَكَرَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْ يُنْدَبُ وَيَجِبُ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِذِكْرِ مَنْ لَا يَجُوزُ هَجْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ:
مَطْلَبٌ: فِي حَظْرِ انْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ:
وَحَظْرَ انْتِفَا التَّسْلِيمِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ ... عَلَى غَيْرِ مَنْ قُلْنَا بِهَجْرٍ فَأَكِّدْ
(وَحَظْرَ) أَيْ مَنْع، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِأَكِّدِ.
وَالْمُرَادُ بِالْحَظْرِ هُنَا الْحُرْمَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ ابْنِ عَقِيلٍ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: فَأَمَّا هَجْرُ الْمُسْلِمِ الْعَدْلِ فِي اعْتِقَادِهِ وَأَفْعَالِهِ فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يُكْرَهُ. وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: اقْتِصَارُهُ فِي الْهَجْرِ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ مِنْ الْكَبَائِرِ، عَلَى نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إذْ الْكَبِيرَةُ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ.
وَقَدْ صَحَّ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ.
(انْتِفَا التَّسْلِيمِ) إذَا لَقِيَهُ فَيُعْرِضُ عَنْهُ جَانِبًا وَلَا يَكُونُ لِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ مُرَاقِبًا وَلَا لِخُطَّةِ الشَّيْطَانِ مُجَانِبًا (فَوْقَ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ أَيْ أَزْيَدَ مِنْهَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ. فَظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ عَدَمُ الْحَظْرِ فِي الثَّلَاثَةِ فَمَا دُونَ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ هُنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ. وَكَلَامُهُمْ فِي النُّشُوزِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا. وَذَلِكَ لِظَاهِرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَهُنَا، وَيُشِيرُ إلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ، وَفِيهِمَا وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَهَاجَرُوا، وَلَا تَقَاطَعُوا. إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» .
فَقَوْلُهُ. وَلَا تَهَاجَرُوا " نَهْيٌ عَنْ الْهِجْرَةِ وَقَطْعِ الْكَلَامِ، وَفِي رِوَايَةٍ " وَلَا تَهْجُرُوا " وَهُوَ بِمَعْنَى الْأُولَى. وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى وَلَا تَهْجُرُوا أَيْ لَا تَتَكَلَّمُوا بِالْهُجْرِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ الْكَلَامُ الْقَبِيحُ.

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست