نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 387
الحكمة في ابتلائي بفنون البلاء؟! ولو أنه تلمح أنه مالك حكيم، لم يبق إلا التسليم لما خفي.
1271- ولقد أنس ببديهة العقل خلق من الأكابر[1]، أولهم إبليس، فإنه رأى تفضيل النار على الطين، فاعترض. ورأينا خلقًا ممن نسب إلى العلم قد زلوا في هذا، واعترضوا، ورأوا أن كثيرًا من الأفعال لا حكمة تحتها. والسبب ما ذكرنا، وهو الأنس بنظر العقل في البديهة والعادات، والقياس على أفعال المخلوقين.
ولو استخرجوا علم العقل الباطن، وهو أنه قد ثبت الكمال للخالق، وانتفت عنه النقائض، وعلم أنه حكيم لا يعبث، لبقي التسليم لما لا يعقل.
1272- واعتبر هذا بحال الخضر وموسى عليهما السلام، لما فعل الخضر أشياء تخرج عن العادات أنكر موسى، ونسي إعلامه له بأني أنظر فيما لا تعلمه من العواقب؛ فإذا خفيت مصلحة العواقب على موسى عليه السلام مع مخلوق، فأولى أن يخفى علينا كثير من حكمة الحكيم.
وهذا أصل، إن لم يثبت عند الإنسان؛ أخرجه إلى الاعتراض والكفر، وإن ثبت، استراح عند نزول كل آفة. [1] الأكابر: يعني المتكبرين كما يفهم من السياق.
285- فصل: بإنعامك المتقدم أتوسل إليك
1273- بلغني عن بعض الكرماء أن رجلًا سأله، فقال: أنا الذي أحسنت [إلي] 2 يوم كذا وكذا. فقال: مرحبًا بمن يتوسل إلينا بنا، ثم قضى حاجته.
1274- فأخذت من ذلك إشارة، فناجيت بها، فقلت: أنت الذي هديته من زمن الطفولة، وحفظته من الضلال، وعصمته عن كثير من الذنوب، وألهمته طلب العلم، لا بفهم لشرفه، لموضع الصغر، ولا بحب والده، ورزقته فهما لتفقهه وتصنيفه، وهيأت له أسباب جمعه، وقمت برزقه من غير تعب منه، ولا ذل للخلق بالسؤال. [1] في الأصل: إليك، ولا يصح، وما أثبته هو ما يقتضيه سياق الكلام.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 387