responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 307
215- فصل: رضا الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربّه.
991- من أراد أن يعلم حقيقة الرضا عن الله عز وجل في أفعاله، وأن يدري من أين ينشأ الرضا، فليتفكر في أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإنه لما تكاملت معرفته بالخالق سبحانه، رأى أن الخالق مالك، وللمالك التصرف في مملوكه، ورآه حكيمًا لا يصنع شيئًا عبثًا، فسلم تسليم مملوك لحكيم؛ فكانت العجائب تجري عليه، ولا يوجد منه تغير، ولا من الطبع تأفف، ولا يقول بلسان الحال: لو كان كذا! بل يثبت للأقدار ثبوت الجبل لعواصف الرياح.
992- هذا سيد الرسل صلى الله عليه وسلم بعث إلى الخلق وحده، والكفر قد ملأ الآفاق، لجعل يفر من مكان إلى مكان، واستتر في دار الخيزران[1]، وهم يضربونه إذا خرج، ويدمون عقبه[2]، وألقى[3] السلى على ظهره، وهو ساكت ساكن ويخرج كل موسم فيقول:"من يؤويني؟ من ينصرني؟ " ... ثم خرج من مكة، فلم يقدر على العود إلا في جوار كافر[4].
ولم يوجد من الطبع تأفف، ولا من الباطن اعتراض، إذ لو كان غيره، لقال: يا رب! أنت مالك الخلق، وقادر على النصر، فلم أذل؟! كما قال عمر رضي الله عنه يوم صلح الحديبية: ألسنا على الحق؟! فلم نعطي الدنية في ديننا؟! ولما قال هذا، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "إني عبد الله، ولن يضيعني" [5]. فجمعت الكلمتان الأصلين اللذين ذكرناهما: فقوله: "إني عبد الله": إقرار بالملك، وكأنه قال: أنا مملوك يفعل بي ما يشاء. وقوله: "لن يضيعني": بيان حكمته، وأنه لا يفعل شيئًا عبثًا.
ثم يبتلى بالجوع، فيشد الحجر[6]، {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [المنافقون: 7] .

[1] هي دار الأرقم بن أبي الأرقم، ثم تملكتها الخيزران زوجة الخليفة العباسي محمد المهدي وأم ابنيه موسى الهادي وهارون الرشيد، وكانت حازمة متفقهة، توفيت سنة "173هـ".
[2] رواه ابن هشام في السيرة "1/ 260" عن ابن إسحاق.
[3] في الأصل: وشق.
[4] هو مطعم بن عدي.
[5] رواه البخاري "3182"، ومسلم "1785" عن سهل بن حنيف رضي الله عنه.
[6] كما في غزوة الخندق رواه البخاري "4102"، و "4101"، ومسلم "2039" عن جابر رضي الله عنه.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست