responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 263
عاقبته، فعلم أن اللذة تفنى، والعار والإثم يبقيان، فيسهل عليه الترك، وإذا اشتهى الانتقام ممن يؤذيه، ذكر ثواب الصبر، وندم الغضبان على أفعاله في حال الغضب ثم لا يزال يتأمل سرعة ممر العمر، فيغتنمه بتحصيل أفضل الفضائل، فينال مناه.
823- وأما الغافل؛ فإنه لا يرى إلا الشيء الحاضر، فمنهم من لم يتأمل في معنى المصنوع وإثبات الصانع، فجحدوا، وتركوا النظر، وجحدوا الرسل، وما جاءوا به، ونظروا إلى العاجل، ولم يتفكروا في مبدئه ومنتهاه؛ فليس عندهم من عرفان المطعم إلا الأكل، ولو تأملوا كيف أنشئ؟ ولماذا جعل حافظًا للأبدان؟ لعرفوا حقائق الأمور! وكذلك كل شهوة تعرض لهم، لا ينظرون في عاقبتها، بل في عاجل لذتها. وكم قد جنت عليهم، من وقوع حد، وقطع يد، وفضيحة! فتعجيل اللذة يفوت الفضائل، ويحصل الرذائل، وسببه عدم النظر في العواقب، وهذا شغل الغفل، وذاك المذموم شغل الهوى. نسأل الله عز وجل يقظة ترينا العواقب، وتكشف لنا الفضائل والمعايب، إنه قادر على ذلك.

178- فصل: الآمال أكبر من الآجال
824- خلقت لي همة عالية تطلب الغايات، بلغت السن وما بلغت ما أملت! فأخذت أسأل تطويل العمر، وتقوية البدن، وبلوغ الآمال، فأنكرت على العادات، وقالت: ما جرت عادة بما تطلب؛ فقلت: إنما أطلب من قادر يخرق العادات، وقد قيل لرجل: لنا حويجة[1]. فقال: اطلبوا لها رجيلًا[2] وقيل لآخر: جئناك في حاجة لا ترزؤك[3]. فقال: هلا طلبتم لها سفاسف الناس! فإذا كان أهل الأنفة من أرباب الدنيا يقولون هذا، فلم لا نطمع في فضل كريم قادر؟!
وقد سألته هذا السؤال في ربيع الآخر من سنة خمس وسبعين[4]، فإن مد لي أجلي، وبلغت ما أملته، نقلت هذا الفصل إلى ما بعد، وبيضته، وأخبرت ببلوغ آمالي، وإن لم يتفق ذلك، فسيدي أعلم بالمصالح، فإنه لا يمنع بخلًا، ولا حول إلا به.

[1] حويجة: تصغير حاجة.
[2] رجيل: تصغير رجل.
[3] لاترزؤك: لا تكلفك ما تنكب به.
[4] أي "575هـ".
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست