responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 134
375- على أنني أقول لك: قد قال أحمد بن حنبل رحمة الله عليه: من ضيق علم الرجل أن يقلد في دينه الرجال. فلا ينبغي أن تسمع من معَظَّم في النفوس شيئًا في الأصول فتقلده فيه، ولو سمعت عن أحدهم ما لا يوافق الأصول الصحيحة، فقل: هذا من الراوي؛ لأنه قد ثبت عن ذلك الإمام أنه لا يقول بشيء من رأيه، فلو قدرنا صحته عنه، فإنه لا يقلد في الأصول ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما. فهذا أصل يجب البناء عليه، فلا يهولنك ذكر معظم في النفوس، وكان المقصود من شرح هذا أن ديننا سليم؛ وإنما أدخل أقوام فيه ما تأذينا به.
376- ولقد أدخل المتزهدون في الدين ما ينفر الناس، حتى إنهم يرون أفعالهم، فيستبعدون الطريق، وأكثر أدلة هذه الطريق القصاص، فإن العامي إذا دخل إلى مجلسهم وهو لا يحسن الوضوء، كلموه بدقائق الجنيد[1] وإشارات الشبلي، فرأى ذلك العامي أن الطريق الواضح لزوم زاوية، وترك الكسب للعائلة، ومناجاة الحق في خلوة على زعمه، مع كونه لا يعرف أركان الصلاة، ولا أدَّبه العلم، ولا قوَّم أخلاقه شيء من مخالطة العلماء!! فلا يستفيد من خلوته إلا كما يستفيد الحمار من الإصطبل، فإن امتد عليه الزمان في تقلله، زاد يبسه، فربما خايلت له الماليخوليا[2] أشباحًا، يظنهم الملائكة، ثم يطأطئ رأسه، ويمد يده للتقبيل!!
فكم قد رأينا من أكار[3] ترك الزرع، وقعد في زاوية؛ فصار إلى هذه الحالة، فاستراح من تعبه!! فلو قيل له: عد مريضًا! قال: ما لي عادة -فلعن الله عادة تخالف الشريعة- فيرى العامة[4] بما يورده القصاص -أن طريق الشرع هذه، لا التي عليها الفقهاء، فيقعون في الضلال.
377- ومن المتزهدين من لا يبالي عمل بالشرع أم لا!! ثم يتفاوت جهالهم: فمنهم من سلك مذهب الإباحة، ويقول: الشيخ لا يعارض، وينهمك في المعاصي!!

[1] الجنيد بن محمد بن الجنيد، البغدادي الخراز، أبو القاسم، من أئمة الصوفية العلماء بالدين، مولده ونشأته ببغداد، توفي سنة "297هـ".
[2] الماليخوليا: مرض عقلي من مظاهره فساد التفكير.
[3] أكار: فلاح.
[4] في الأصل: العامي.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست