responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صفة الصفوة نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 2  صفحه : 524
موحش لعلي أجد قلبي ساعة يسلو عن الدنيا وأهلها. فقلت: وما جنت عليك الدنيا حتى استحقت هذا البغض منك؟ فقال: جناياتها العمى عن جناياتها. فقلت: هل من دواء أتعالج به من هذا العمى الذي قد حجب عني ما يراد بي؟ قال: ما أراك تقدر على العلاج فاستعمل من الدواء أيسره. قلت: صف لي دواء لطيفاً. قال: فما داؤك؟ قلت: حب الدنيا. فتبسم وقال: أي قرحة أعظم من هذه؟ ولكن اشرب السموم الطرية والمكاره الصعبة. قلت: ثم ماذا؟ قال: مر الصبر الذي لا جزع فيه والتعب الذي لا راحة فيه، قلت: ثم ماذا؟ قال السلو عما تريد والصبر عما تحب، فإن أردت فاستعمل هذا وإلا فتأخر واحذر الفتن كأنها قطع الليل المظلم. قلت: فدلني على عمل يقرب إلى الله عز وجل. فقال: يا أخي قد نظرت في جميع العبادات فلم أر أنفع من الفرار من الناس وترك مخالطتهم، يا أخي رأيت القلوب عشرة أجزاء، فتسعة مع الناس وجزء مع الدنيا. فمن قوي على الانفراد حاز تسعة أجزاء من القلب. ثم غاب عني فلم أره.

ذكر المصطفيات من عابدات لقين في طريق السياحة
991 - عابدة
ذو النون المصري قال: بينا أنا سائر في البادية إذ رأيت امرأة متعبدة، فلما أن دنت مني سلمت علي فرددت عليها السلام، فقالت: من أين أقبلت؟ فقلت: من عند حكيم لا يوجد مثله، فصاحت وقالت: ويحك كيف فارقته وهو أنيس الغرباء؟ فأوجع قلبي كلامها فبكيت، فقالت لي: مم بكاؤك؟ قلت: وقع الدواء على الداء، فأسرع في نجاحه، قالت: فإن كنت صادقاً فلم بكيت؟ قلت: والصادق لا يبكي؟ قالت: لا، لأن البكاء راحة القلب وهذا نقص عند ذوي العقول يا بطال، قلت: علميني شيئاً ينفعني الله به. قالت: ويحك ما أفادك الحكيم من الفوائد ما تستغني به عن طلب الزوائد؟ فقلت: إن رأيت أن تعلميني شيئاً فعلت، فقالت: اخدم مولاك شوقاً إلى لقائه. فإن له يوماً يتجلى فيه لأوليائه وإنه تعالى سقاهم في الدنيا من محبته كأساً لا يظمئون بعدها أبداً، ثم أقبلت تبكي وتقول: سيدي إلى كم تدعني في دار لا أجد فيها من يساعدني على بلائي؟ ثم مضت وهي تقول:
إذا كان داء العبد حب مليكه ... فمن دونه يرجو طبيباً مداوياً؟

نام کتاب : صفة الصفوة نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 2  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست