نام کتاب : صفة الصفوة نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 473
ومن عباد جبال بيت المقدس:
879 - عابد:
محمد بن أحمد النيسابوري قال: سمعت ذا النون يقول: بينا أنا في بعض جبال بيت المقدس سمعت صوتاً وهو يقول: ذهبت الآلام عن أبدان الخدام وولهت بالطاعة عن الشراب والطعام، وألفت أبدانهم طول القيام بين يدي الملك العلام. فتبعت الصوت فإذا شاب أمرد قد علا وجهه اصفرار يميل ميل الغصن إذا ميلته الريح، وعليه شملة قد اتزر بها، وأخرى قد اتشح بها. فلما رآني توارى عني بالشجر فقلت له: أيها العالم، الجفاء ليس من أخلاق المؤمنين. فكلمني وأوصني. فخر ساجداً وجعل يقول: هذا مقام من لاذ بك واستجار بمعرفتك، وألف محبتك فيا إله القلوب وما تحويه من جلال عظمتك احجبني عن القاطعين لي عنك. قال ذو النون: ثم غاب عني فلم أره.
ومن عابدات جبال بيت المقدس:
880 - عابدة
محمد المبارك الصوري قال: بينما أنا أجول في بعض جبال بيت المقدس إذا أنا بشخص منحدر من جبل، فإذا هي امرأة عليها مدرعة من صوف وخمار من صوف. فسلمت فردت فقالت: يا هذا من أين أقبلت؟ فقلت: رجل غريب. قالت: يا سبحان الله، وهل تجد مع سيدك وحشة الغربة وهو مؤنس الغرباء ومحدث الفقراء؟ فبكيت، فقالت: مم بكاؤك، ما أسرع ما وجدت طعم الدواء؟ فقلت: أو لا يبكي العليل إذا وجد طعم العافية؟ قالت: لا. قلت: لم؟ قالت: لأنه ما خدم القلب خادم هو أحب إليه من البكاء، ولا خدم البكاء خادم هو أحب إليه من الشهيق والزفير في البكاء. قلت: علميني رحمك الله فإني أراك حكيمة. فأنشأت تقول:
دنياك غرارة فذرها ... فإنها مركب جموح
دون بلوغ الجهول منها ... منيته، نفسه تطيح
لا تركب الشر واجتنبه ... فإنه فاحش قبيح
والخير فاقدم عليه ترشد ... فإنه واسع فسيح
فقلت: زيديني. فقالت: أحبب ربك شوقاً إلى لقائه، فإن له يوماً يتجلى فيه لأوليائه.
نام کتاب : صفة الصفوة نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 473