نام کتاب : صفة الصفوة نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 427
من عقلاء مجانين الشام:
818 - عابد
عبد الواحد بن زيد قال: خرجت إلى الشام في طلب العباد فجعلت أجد الرجل بعد الرجل شديد الاجتهاد حتى قال لي رجل: قد كان ها هنا رجل من النحو الذي تريد، ولكنا فقدنا من عقله، فلا ندري، يريد أن يحتجب من الناس بذلك أم هو شيء أصابه؟ قلت: وما أنكرتم منه؟ قال: إذا كلمه أحد قال: الوليد وعاتكة، لا يزيده عليه. قال: قلت فكيف لي به؟ قال: هذه مدرجته. فانتظرته فإذا برجل واله، كريه الوجه، كريه المنظر، وافر الشعر، متغير اللون وإذا الصبيان حوله وخلفه وهو ساكت يمشي، وهم خلفه سكوت يمشون وعليه أطمار دنسة. قال: فتقدمت إليه فسلمت عليه، فالتفت إلي فرد علي السلام. فقلت: يرحمك الله إني أريد أن أكلمك. فقال: الوليد وعاتكة. قلت: قد أخبرت بقصتك.
فقال الوليد وعاتكة، ثم مضى حتى دخل المسجد ورجع الصبيان الذين كانوا يتبعونه فاعتزل إلى سارية فركع فأطال الركوع ثم سجد، فدنوت منه فقلت: رحمك الله، رجل غريب يريد أن يكلمك ويسألك عن شيء، فإن شئت فأطل وإن شئت فأقصر، فلست ببارح حتى تكلمني. قال وهو في سجوده، يدعو ويتضرع، ففهمت عنه، وهو يقول: سترك سترك، قال: فأطال السجود حتى سئمت فدنوت منه فلم أسمع له نفساً ولا حركة. قال: فحركته فإذا هو ميت كأنه قد مات من دهر طويل.
قال فخرجت إلى صاحبي الذي دلني عليه فقلت: تعال فانظر إلى الذي زعمت أنك أنكرت من عقله. وقصصت عليه قصته. قال فهيأناه ودفناه.
وكان لا يقيم في قرية ولا بمدينة أكثر من ليلة أو يوم ثم يخرج، فدخل إلى قرية فاعتل فيها سبعة أيام لم يأكل ولم يشرب ولم يكلمه أحد، فمات فأصبح القوم في اليوم الثامن فوجدوه ميتاً فغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلوا عليه، وحملوه ليدفنوه، فجاء الناس من كل قرية إليهم وقالوا: سمعنا صائحاً يصيح: من أراد أن يحضر جنازة ولي من أولياء الله عز وجل فليحضر قرية كذا وكذا. قال: فصلوا عليه ودفنوه. فلما كان من الغد وجدوا الكفن والحنوط مصروراً في محرابهم ومعه كتاب فيه مكتوب: لا حاجة لنا في كفنكم هذا، يقيم بين أظهركم ولي من أولياء الله عز وجل سبعة أيام، لا عدتموه ولا عللتموه ولا أطعمتموه ولا سقيتموه ولا كلمتموه؟ قال الكتاني: فجعل أهل تلك القرية فيها بيتاً للضيافة.
نام کتاب : صفة الصفوة نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 427