نام کتاب : دعوة الرسل عليهم السلام نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 26
أمامه، وقال: هلكت يا هارون.. وظل على بكائه طوال نهاره لا يقطعه إلا الصلاة، وفي نهاية النهار دخل عليه قاضيه أبو يوسف، فلما علم بالمسألة سأله عن مصير اللحم الذي كان يطبخ, فلما علم أن الفقراء كانوا يأكلونه قال لهارون: أبشر يا أمير المؤمنين بثواب الله فيما صرفته من مال أكله الفقراء، وبما رزقك من خشية وخوف, فقد قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [1].
وكان الرشيد يحكم رعيته بشرع الله، في أمة واسعة لا تغيب الشمس عن ديارها، وهو الذي أمر بجلد أبي نواس، وحبسه لما ثبت انهماكه في الشراب[2].
فهل تصدق هذه القصة مع شخص كهذا؟
أين له الوقت بعد كل هذا ليقضيه في السهر والشراب؟
ولو تصورنا صدق القصة، هل كان المؤرخون يهملونها، ولا يذكرون شربه الخمر إلا في هذا المجال؟!
وأين أعداؤه، وهم كثيرون ... ولِمَ صمتهم عنه في هذا الحدث الخطير؟
و"جعفر" سيد البرامكة، اشتهر بسداد الرأي والحكمة مع الخلفاء قبل الرشيد، ولم يذكر عنه ما يسيء، فكيف به يتحول إلى عربيد، مدمن للشراب، عاصٍ لله تعالى؟ [3]. [1] سورة الرحمن آية: 46. [2] البداية والنهاية لابن كثير ج10، ص213. [3] يرى ابن خلدون أن نكبة البرامكة سببها الخوف على الدولة منهم، فلقد تغلغلوا في كل جوانبها، وملكوا كل ما فيها، وذاع صيتهم، ودانت لهم الرعية حتى صار الدعاء لهم، والأمل فيهم، وصاروا يخصون ذويهم بوظائف الدولة جميعا، وقد وشى الواشون بهم إلى هارون، وخوفوه من طموحاتهم، وأقنعوه بقوتهم، وحرصهم على مناصبهم، وزينوا له ذلك فأوقع بهم جميعا في ضربة واحدة، وولى العرب مكانهم، حماية للدولة، وخوفا من ضياع الخلافة، يقول ابن كثير: "ومن العلماء من أنكر ما قيل عن البرامكة والعباسة وهو الحق" ج10 ص189, البداية والنهاية.
نام کتاب : دعوة الرسل عليهم السلام نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 26