responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 71
فهؤلاء الناس لم يكونوا أقل تكليفًا بالاعتقاد في الحقائق المنزلة، بما في ذلك كفرهم الدائم، وهم على ذلك يفعلون المستحيل:
أولًا: لأن أمرًا مما علم الله عدم وقوعه، لا يمكن أن يوجد.
وثانيًا: لأنه ربما كان من المتناقض أن يؤمنوا بهذا الوحي الخاص، الذي يقرر أنهم لن يؤمنوا أبدًا، وبذلك يكونون في حالتي إيمان، وعدم إيمان.
ويقدم فخر الدين الرازي هذا الاستدلال المزدوج، ويضاعف من حوله الأقوال، كأنما هو العقبة الكئود التي لن يستطيع العقليون أن يفلتوا منها أبدًا[1].
بيد أنه حتى لو افترضنا أن المقدمات صادقة، فلسنا نرى في هذا الاستدلال المزدوج سوى ضروب من القياس الكاذب.
وأول الاستدلالات، وهو ما يستمدونه من علم الله السابق -يقوم على نوع من الخلط بين "الممكن" و"الواقع"، بين "الجوهر" و"الوجود" فليس معنى كون الشيء لا يوجد، أو لن يوجد أبدًا -أن يكون مستحيلًا في ذاته. فالعلم لا يغير جوهر الأشياء، فضلًا عن واقعها، إنه يسجل هذا الواقع، ثم يحكيه، ويعبر عنه، ولو كان كل ما علم الله أنه لا يوجد -"مستحيلًا" لوجب القول -لنفس السبب- بأن كل ما علم الله أنه يوجد "ضروري". فماذا بقي في الكون إذن لتتحقق فيه الإرادة الإلهية؟
وأما الاستدلال الثاني: فهو يقوم كذلك على خلط منطقي بين نوعين من القضايا، أحدهما قائم بذاته، والآخر معلق بغيره؛ فالإيمان وعدم الإيمان قضيتان متناقضتان، مفترض أنهما قد استوفتا كل الصفات المطلوبة.

[1] التفسير الكبير، للرازي 1/ 185.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست