الفصل الخامس: الجهد
مدخل
... الفصل الخامس: الجهد
الآن وقد ميزنا بصورة كافية، بين عنصرين متميزين في البناء الأخلاقي، هما: "النية" و"العمل"، وبعد أن حددنا الدور المزدوج "للنية"[1] يبقى علينا أن نجلو الأهمية الفائقة للعنصر الثاني: "العمل"، وهو السلاح الوحيد، الهجومي والدفاعي، في معركة الفضيلة.
والواقع أن المدد الوحيد في يد الإنسان لكي يصل إلى غاياته، وواجبه الوحيد في الوقت نفسه -منحصر في أن يستعمل قواه المعنوية والمادية، القادرة على هدايته إليها، سواء أكانت الغاية أن يتخذ قرارًا أخلاقيًّا، أو أن ينفذه، وسواء أكان يريد إصلاح خلة باطنية، أو تزكية نية.
وربما كان من غير المفيد، وغير المعقول، على سواء، أن يمارس الإنسان نشاطًا، أيًّا كان، لكي يكسب الفضيلة، لو كانت النفس الإنسانية ذات طبيعة كاملة مكملة، أو إذا كانت هذه الطبيعة برغم ما فيها من نقص، غير قادرة على التطور.
فضرورة تدخلنا المؤثر تنطوي إذن على مسلم مزدوج، هو أن الكائن الأخلاقي قد خلق ناقصًا، وقابلًا للكمال في آن. فهو بذرة تنطوي على جميع عناصر الكائن بأكمله، وتشتمل تقديرًا، وفي حيز القوة، على شروط نموها. [1] من حيث هي شرط صحة، وشرط قيمة للسلوك.