فحين توجه الله سبحانه إلى الأسرة الإنسانية الأولى بشأن الفاكهة المحرمة، قال: "وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله: لا تأكلا منه، ولا تمساه، لئلا تموتا"[1]، وحين خاطب ولدها الأكبر قابيل قاتل أخيه هابيل قال: "فالآن ملعون أنت من الأرض ... متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها"[2].
وعندما فسدت الأرض بعد ذلك بحين من الدهر فعوقبت بالطوفان بارك الله نوحًا وبنيه فقال: "أثمروا واكثروا، واملئوا الأرض"[3].
وهل قوبل إذعان إبراهيم للإرادة الإلهية بغير الخيرات الأرضية على سبيل الثواب؟ "بذاتي أقسمت، يقول الرب: إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر، ولم تمسك ابنك وحيدك أباركك مباركة، وأكثر نسلك تكثيرًا كنجوم السماء، وكالرمل الذي على شاطئ البحر، ويرث نسلك باب أعدائه"[4]، ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه الأفكار، مألوفة لدى ذرية إبراهيم فهي تعد جوهر صيغة السلام والمباركة، فإن إسحاق يبارك يعقوب بهذه الكلمات:
"فليعطك الله من ندى السماء، ومن دسم الأرض وكثرة حنطة وخمر. ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل"[5].
ويقول الرب أيضًا لإسرائيل "يعقوب" "اثمر واكثر، أمة [1] التكوين, الإصحاح الثالث، جملة 3، وقارن ذلك بما ورد في القرآن، البقرة: 35 والأعراف: 19 من قوله تعالى: {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين} . [2] المرجع السابق 4/ 11-12. [3] المرجع السابق 9/ 1. [4] المرجع السابق 22/ 16-17. [5] سفر التكوين, إصحاح 27، جملة 28-29.