تسمَّى "أخلاقية", فإنها كذلك ليست ضرورية، اللهم إلا إذا رجعنا بالفكر إلى عالم آخر، يصبح فيه السعادة والشقاء -كل على حدة- على توافق تام مع الخير والشر. ولكن ما دمنا بعيدين عن مجال الدين، فإن فكرة عالم كهذا غريبة عن الأخلاق الطبيعية، على وجه الإطلاق، وهي الأخلاق التي لا تتجاوز حدودها مجال الضمير الحالي، وعليه فكم من رذائل في هذه الدنيا توّجت بالنجاح!! وكم من فضائل رازحة تحت ضروب البؤس!! ولدينا من ذلك في كل يوم مزيد.
هل يجب أن نستبعد أيضًا، كما قد قيل -فكرة اللذة والألم، الباطنية المحضة؟ وهل ندم الضمير ورضاه من المشاعر الغريبة أيضًا عن الحياة الأخلاقية؟ أليس لهما أي حق في الوجود بقوة القانون؟
لقد قيل لنا: إن هذه المشاعر ليست -احتمالًا- سوى بقايا مصفاة لفكرة موضوعية عن المسئولية، وإذا لم يكن الندم خوفًا مبهمًا من العقاب، فإنه التوقع أو الرجاء[1].
وإليك البرهان المقنع الذي روَّجوا له ضد هذه الاحتمالات، من أجل نفيها نهائيًّا من الميدان الأخلاقي، فإن هذه الحالات لا تتنوع بصورة ملحوظة من إنسان لآخر فحسب، بل إنها قد تختفي اختفاءً كاملًا في بعض حالات الفسق، فهي ليست إذن نتائج ضرورية للخضوع للواجب، أو لمخالفته، ومن ثَمَّ استنتجوا استحالة الجزاء الأخلاقي بالمعنى الصحيح.
ولكن، هل نحن متفقون على معنى الكلمات؟ إذا كان المراد بعبارة "القانون الأخلاقي" -هو الواجب في ذاته، القانون الموضوعي الذي يفرض على جميع الناس، مستقلًّا عن حالات ضميرهم، فمن الحق أن قانونًا [1] انظر: levy Bruhl. L'idee de la responsabilite, d III S I