في حالتنا سوف يكون هو "الضم"، وهو في الوقت نفسه، أكثر تأكدًا بما أن التفسيرين يتفقان في مضمونه، على حين أن معنى التشبيه لا يحتمل سوى شيء واحد.
بيد أن لدينا من وراء هذه الاعتبارات العامة -نصوصًا تعالج حالات شبيهة، ولم يحدث أن تعرضت لذكر المعاملة على قدم المساواة، وإنما ذكرت مجرد الاشتراك المعبر عنه بلفظة "مع"، وقد ورد هذا في القرآن: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [1]، كما ورد في كثير من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يقرر أن المتحابين في الله سوف يجتمعان في الجنة: "أنت مع من أحببت" و "المرء مع من أحب" [2]. فنحن نرى إذن أن المثال الذي نتناوله بالبحث ليس سوى حالة خاصة لهذا المفهوم العام، الذي هو الحب في الله، فهؤلاء الأولاد الذين لا يكتفون ببنوتهم الطبيعية، حتى يضيفوا إليها بنوة روحية، لماذا لا يستطيعون أن يعملوا على تحقيق مثلهم الأعلى باجتماعهم في الله، كيما يحرزوا حق الاجتماع في نفس المنزلة مع من اتخذوهم قدوة، حين اتبعوهم في الواقع بصورة تتفاوت في درجة كمالها؟ أليس فصلهم عنهم إنكارًا لقيمة هذا الحب؟ وعليه، فإن هذا الاتحاد في جنة الله لا ينفي مطلقًا التدرج في الجزاء. ولا يستتبع بالضرورة اختلاطًا في القيم؛ فنحن ندرك جيدًا أن أعضاء جمعية واحدة متدرجون في مناصبهم، مختلفون في وظائفهم، متفاوتون في استحقاقهم، شأن القطار الذي يقل مجموعة مختلفة من طوائف المسافرين.
فإذا فسرنا الآية على هذا النحو، وقابلناها كما ينبغي بمجموع النصوص الأخرى، فإنها لا تحتوي أدنى تضارب مع المبدأ العام، مبدأ المسئولية التي تظل فردية، على وجه الخصوص. [1] النساء: 69. [2] البخاري, كتاب الأدب, باب 96.