الفصل الثاني: المسئولية
مدخل
...
الفصل الثاني: المسئولية
يرتبط بفكرة الإلزام، ناتجان يستلزم أحدهما الآخر بدوره، ويؤيده، ويدعمه، هما: فكرة المسئولية، وفكرة الجزاء. والواقع أن هذه الأفكار الثلاثة يأخذ بعضها بحجز بعض، ولا تقبل الانفصام، فإذا ما وجدت الأولى تتابعت الأخريان على إثرها؛ وإذا اختفت، ذهبتا على الفور في أعقابها.
فالإلزام بلا مسئولية يعني القول بوجود إلزام بلا فرد ملزم، وليس بأقل استحالة من ذلك أن نفترض كائنًا ملزمًا ومسئولًا، بدون أن تجد هذه الصفات ترجمتها وتحققها في "جزاء" مناسب، فإن معنى ذلك تعرية الكلمات من معانيها.
والمسئولية المتولدة عن الإلزام، هي نفسها نوع خاص من الإلزام. وإذا عمدنا إلى الجانب الاشتقاقي وجدنا أن عبارة "كونه مسئولًا etre responsable" تعني: "كون الفرد مكلفًا بأن يقوم ببعض الأشياء، وبأن يقدم عنها حسابًا إلى زيد من الناس".
ولا ريب أننا نتكلم عن المسئولية بالمعنى الحقيقي، الذي قد يتفاوت في قوته، وقد يحدث أن يستخدم هذا الاصطلاح بتوسيع دلالته أو إضعافها.