[التوكل على الله]
التوكل على الله الحمد لله القوي المتين، الملك الحق المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله فإياه نعبد وإياه نستعين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد المرسلين، وإمام المتقين اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله، واعتصموا بحبل الله، واتكلوا في أموركم كلها على الله، قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 122] {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123] {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78] {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله» . فالاستعانة والتوكل عليه من أعظم واجبات الإيمان، وأفضل الأعمال المقربة إلى الرحمن، فإن الأمور كلها لا تحصل ولا تتم إلا بالاستعانة بالله ولا عاصم للعبد سوى الاعتماد على الله فإن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا تحول للعباد من حال إلى حال إلا بالله، ولا قدره لهم على طاعة الله إلا بتوفيق الله، ولا مانع لهم من الشر والمعاصي إلا عصمة الله، وكذلك أسباب الرزق لا تحصل وتتم إلا بالسعي في الطلب مع التوكل على الله، قال صلى الله عليه وسلم: «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانًا» . فوصف صلى الله عليه وسلم المتوكل على الله بوصفين السعي في طلب الرزق والاعتماد القوى على مسبب الأسباب، فمن فقد الوصفين أو أحدهما خسر وخاب ومن سعى في الأسباب المباحة واعتمد على ربه وشكر المولى إذا حصلت له المحبوبات، وصبر لحكمه عند المصائب