[خلق الرحمة] خلق الرحمة الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والعاملين بسنته، والداعين إلى شريعته، الرحماء فيما بينهم إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها المسلمون: من الفضائل التي تحلى بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونادى بها الإسلام، فضيلة الرحمة، والرحمة رقة في الطبع تثمر الرفق والرأفة ولين الجانب، وهي خلق رفيع، يحرك عاطفة الإنسان بالخير والبر.
يمدح بها الله رسوله المبعوث بمكارم الأخلاق فيقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] كما - وهو المبعوث رحمة للعالمين - يعز عليه أن يحرم إنسان من نور الإسلام، وطمأنينة الإيمان.
يقول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] والرحمة الشاملة الكاملة هي رحمة الله العزيز الرحيم فقد عمت الكائنات جميعها فما من موجود إلا وبرحمة الله يحيا، وفي ظلالها يعيش. قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] وقال سبحانه: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7]
لقد خلقنا الله ولم نك شيئًا، ويسر لنا أسباب الحياة إلى حين - على أرضه وتحت سمائه - وأجرى لنا الأنهار، وأنبت لنا الزرع والثمار، وجعل لنا