وهذه الأعمال يرتبها الحاج يوم النحر إن قدر على ذلك: رمي جمرة العقبة، ثم نحر الهدي، ثم الحلق أو التقصير، والحلق أفضل، ثم الطواف بالبيت والسعي بعدها إن لم يكن سعى مع طواف القدوم، أو كان متمتعا فعليه سعي الحج غير سعي عمرته، وإن قدم بعضها على بعض فنبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول لمن سأله أنه قدم الحلق على الرمي أو النحر على الرمي، يقول: " افعل ولا حرج "، «فما سئل عن شيء يوم النحر قدم ولا أخر من أفعال يوم النحر إلا قال: " افعل ولا حرج [1] »
ثم إنه -صلى الله عليه وسلم- رجع بعدما طاف طواف الإفاضة، وبات بمنى ليلة الحادي عشر، ثم رمى الجمار يوم الحادي عشر بعد الزوال: الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، وكذلك في اليوم الثاني عشر، ومكث بمنى ثلاثة أيام، فلم ينصرف إلا في اليوم الثالث عشر بعدما أكمل رمي الجمار.
فمن تعجل في يومين فانصرف من منى يوم الاثنين بعدما يرمي الأولى والوسطى والعقبة، أو تأخر إلى اليوم الثلاثاء الثالث عشر، فإن الكل جائز، قال الله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [2] ، أي: من تعجل في الدفع من منى في اليوم الثاني عشر فلا إثم عليه، ومن تأخر فلم يدفع إلا في اليوم الثالث عشر فلا إثم عليه، فلا حرج عليه، ثم بعدما يكمل الحج رمى الجمار يودع بيت الله الحرام وقد تم حجه بتوفيق الله.
أيها المسلمون، اشكروا الله على نعمة الإسلام، اشكروه على هذا الفضل العظيم، اشكروه إذ بلغكم الوصول إلى بيت الله الحرام. [1] أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وسبق تخريجه في خطبة عام (1406) ، الهامش (10) [2] سورة البقرة الآية 203