نام کتاب : تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق نویسنده : ابن مسكويه جلد : 1 صفحه : 208
وأما الإستهزاء فإنه يستعمله المجّان من الناس والمساخر ومن لا يبالي بما يقابل به لأنه قد وضع في نفسه إحتمال مثل ذلك وإضعافه فهو ضاحك قرير العين بضروب الإستخفافات التي تلحقه وإنما يتعيش بالدخول تحت المذلة والصغار بل إنما يتعرض بقليل ما يبتدىء به لكثير ما يعامل به ليضحك غيره وينال اليسير من بره. والحر الفاضل بعيد من هذا المقام جدا لأنه يكرم نفسه وعرضه عن تعريضهما للسفها وبيعهما بجميع خزائن الملوك فضلا عن الحقير التافه.
الغدر والضيم
وأما الغدر فوجوهه كثيرة اعني أنه يستعمل في المال وفي الجاه وفي الحرم وفي المودة وهو على كثرة وجوهه مذموم بكل لسان ومعيب عند كل أحد ينفر السماع من ذكره ولا يعترف به إنسان وإن قل حظه من الإنسانية وليس يوجد غلا في جنس من أجناس العبيد فيتوقاهم الناس ويأنف منهم سائر أجناس العبيد.
ذلك أن الوفاء الذي هو ضده موجود في جنس الحبشة والروم والنوبة وقد شاهدنا من حسن وفاء كثير من العبيد ما لم نشاهده في كثير من المتسمين بالأحرار. ومن عرف قبح الغدر باسمه ونفور العقلاء منه ثم عرف معناه فليس يستعمله وبالأخص من له طبيعة جيدة أو قرأ ما تقم في هذا الكتاب وتخلق به وانتهى في قراءته إلى هذا الموضع. وأما الضيم فهو تكليف إحتمال الظلم والغضب وربما يعرض منه شهوة الإنتقام وقد ذكرنا فيما تقدم الظلم والإنظلام وشرحنا الحال فيهما.
نام کتاب : تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق نویسنده : ابن مسكويه جلد : 1 صفحه : 208