نام کتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس نویسنده : ابن عبد البر جلد : 1 صفحه : 221
ما واجه الشيب من عين وإن ومقت ... إلا لها نبوة عنه ومرتدع
أبكي شباباً سلبناه وكان وما ... توفي بقيمته الدنيا ولا تسع
قد كدت تقضي على فوت الشباب أسًى ... لولا يعزيك أن العيش منقطع
ما كدت أوفي شبابي كنه عزته ... حتى انقضى فإذا الدنيا له تبع
قال المبرد: هذا من الشعر البديع في معناه، الذي ليس لأحد من المحدثين مثله، وقد أخذه الباهلي في قوله:
اذهب إليك فما الدنيا بأجمعها ... من الشباب بيومٍ واحدٍ بدل
قال الفرزدق:
وتقول كيف يميل مثلك للصبا ... وعليك من سمة الكبير عذار
والشيب ينهض في الشباب كأنه ... ليل يصيح بجانبيه نهار
وقال الأخطل:
هل الشباب الذي قد فات مردود ... أم هل دواء يرد الشيب موجود
لن يرجع الشيب شباناً ولن يجدوا ... عدل الشباب له ما أورق العود
وقال أيضاً:
لقد لبست لهذا الدهر أعصره ... حتى تخلل رأسي الشيب واشتعلا
وبان مني شبابي بعد لذته ... كأنما ضيفا نازلا رحلا
وقال منصور الفقيه:
من شاب قد مات وهو حي ... يمشي على الأرض مشي هالك
لو أن عمر الفتى حساب ... كان له شيبه فذلك
وقال محمود الوراق:
مني السلام على الدنيا وبهجتها ... فقد نعاها إلى الشيب والكبر
لم يبق لي لذة إلا التعجب من ... صرف الزمان وما يأتي به القدر
إحدى وسبعون لو مرت على حجر ... لكان من حكمه أن يفلق الحجر
وقال نفطويه:
شيئان لو بكت الدماء عليهما ... عيناي حتى بؤذنا بذهاب
لم يبلغا المعشار من حقيهما ... فقد الشباب وفرقة الأحباب
وقال آخر:
كان الشباب رداءً قد بهجت به ... فقد تطاول فيه للبلى خرق
وبان منشمراً عني ومنقبضاً ... كالليلِ ينهض في أعجازه الفلق
وقال يوسف بن هارون:
نظرت إلى بعين من لم يعدل ... لما تمكن طرفها من مقتلي
فجعلت أطلب وصلها بتلطفٍ ... والشيب يغمزها بألا تفعلي
وقال محمود الوراق:
أمن بعد ستين تبكي الطلولا ... وتندب رسماً وانياً محيلا
وقد نجم الشيب في عارضيك ... وجر على مفرقك الذيولا
وله أيضاً:
أليس عجيباً بأن الفتى ... يصاب ببعض الذي في يديه
فمن بين باكٍ له موجع ... وبين معزٍ معذٍ إليه
ويسلبه الشيب شرخ الشباب ... وليس يعزيه خلق عليه
وقال سهل الوراق:
أرى الشيب مذ جاوزت خمسين حجةً ... يدب دبيب الصبح في غسق الظلم
هو السقم إلا أنه غير مؤلمٍ ... ولم أر مثل الشيب سقماً بلا ألم
وقال آخر:
والشيب أعظم جرماً عند غانيةٍ ... من ابن ملجم عند الفاطميينا
وقال علي بن جبلة:
جلال مشيبٍ نزل ... وأنس شبابٍ رحل
طوى صاحب صاحباً ... كذاك اختلاف الدول
أعاذلتي أقصري ... كفي بالمشيب العذل
جلال ولكنه ... تحاماه حور المقل
وقال ابن مقبل:
قالت سليمى وقد كانت على مقةٍ ... لا خير في المرء بعد الشيب والكبر
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: للموت تقحم على الشيب كتقحم الشيب على الشباب.
وقال مسلم بن الوليد:
الشيب كره وكره أن يفارقني ... أعجب بشيءٍ على البغضاء مردود
وقال آخر:
جانبك النوم والقرار ... أن منعت وصلها نوار
رأت مشيباً وفي الغواني ... عمن بدا شيبه ازورار
حتى إذا استيقنت بأني ... قد شاب صدغاي والعذار
ألوت بخدً إلى اللواتي ... زعمن أن المشيب عار
تمسح رأسي وهي تنادي ... أحتى على رأسك الغبار
نام کتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس نویسنده : ابن عبد البر جلد : 1 صفحه : 221