responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 4  صفحه : 94
الْمَعْرُوفُ بِالنَّتْنِ يَخْلِطُ الْعَقْلَ وَيُبْطِلُ الذِّكْرَ وَيُحْدِثُ خِفَافًا وَجُنُونًا وَعُصَارَةً وَرِقَّةً فِي قُوَّةِ الْأَفْيُونِ انْتَهَى وَعَنْ بَعْضِ الْأَطِبَّاءِ لَوْلَا الدُّخَانُ وَالْقَتَامُ لَعَاشَ ابْنُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ وَقِيلَ إنَّهُ مُسْكِرٌ لَا سِيَّمَا بَعْضُ أَنْوَاعِهِ كَمَا يُرَى كَثِيرًا فِي حَالِ الِابْتِدَاءِ، وَعَدَمُ الْإِسْكَارِ فِي أَكْثَرِ الْأَشْخَاصِ لِلتَّدْرِيجِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِاعْتِيَادِ فِي الِانْتِهَاءِ كَمَا فِي الْخَمْرِ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَلِيلَ كَالْكَثِيرِ فِي الْحُرْمَةِ فِي غَيْرِ الْخَمْرِ قِيلَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقِيلَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَقِيلَ إنَّهُ مُؤْذٍ وَالْأَذَى حَرَامٌ وَعَنْ شَارِحٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُلْحَقَ الدُّخَانُ بِحَدِيثِ «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» قَالَ الْفُقَهَاءُ كُلُّ مَنْ وُجِدَ فِيهِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ وَلَوْ سَمَاوِيَّةً كَالْبَخَرِ يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَقِيلَ إنَّهُ بِدْعَةٌ وَأَوْرَدَ أَنَّ الْبِدْعَةَ الْمَمْنُوعَةَ مَا تَكُونُ فِي الِاعْتِقَادَاتِ وَالْعَادَاتِ.
وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ فَمُبَاحَةٌ وَرُدَّ أَنَّ الْبِدْعَةَ مَمْنُوعَةٌ مَا تَكُونُ خِلَافَ سُنَّةٍ أَوْ حِكْمَةَ مَشْرُوعِيَّةِ سُنَّةٍ فَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ السِّوَاكِ دَفْعُ الْأَذَى وَإِزَالَةُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَتَطْهِيرُ الْفَمِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدُّخَانَ مُخَالِفٌ لِهَذِهِ الْحِكْمَةِ وَقَرَّرَ أَنَّ الْبِدْعَةَ الْحَسَنَةَ مَا يَكُونُ لَهُ إعَانَةٌ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ وَقَدْ عَرَفْت مُخَالَفَتَهَا وَقِيلَ إنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْخَبَثِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]- وَهُوَ مَا يَسْتَقْذِرُهُ الطَّبْعُ السَّلِيمُ وَالطَّبْعُ السَّلِيمُ طَبْعُ كُبَرَاءِ الْعَرَبِ الَّذِي لَمْ يَأْلَفْهُ الْغُلَامُ الْبَالِغُ ابْتِدَاءً قَالُوا شَاهَدْنَا نُفْرَتَهُمْ عَنْهُ وَعَنْ رَائِحَتِهِ وَقِيلَ إنَّهُ إنَّمَا يُشْرَبُ لِلَّهْوِ وَالِاحْتِشَامِ وَالتَّبَاهِي فَلَوْ فُرِضَ إبَاحَتُهُ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ يَحْرُمُ بِهَوَى مُسْتَعْمِلِهِ وَتَلَهِّيهِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ وُجُودَ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ كَافٍ فِي حُكْمِ الْجِنْسِ سِيَّمَا فِي سَدِّ بَابِ الْحَظْرِ.
وَقِيلَ إنَّهُ إسْرَافٌ لِأَنَّهُ مَا زَادَ عَلَى الْكِفَايَةِ الْمَشْرُوعَةِ وَلَا شَرْعِيَّةَ فِي أَصْلِهِ وَفِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ كَيْفَ وَقَدْ يُشْتَرَى بِثَمَنٍ غَالٍ بَلْ يَدْعُو إلَى تَرْكِ الْعِبَادَاتِ كَالْجَمَاعَاتِ وَيُؤَدِّي إلَى أَكْثَرِ الْمَنْهِيَّاتِ كَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ فَضْلًا عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ وَمَا لَا يَعْنِي وَلِلْوَسَائِلِ حُكْمُ الْمَقَاصِدِ وَقِيلَ إنَّهُ وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ سُلْطَانِيٌّ وَكُلُّ أَمْرٍ مَشْرُوعٍ وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ سُلْطَانِيٌّ لِمَصْلَحَةٍ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَالْمَصَالِحُ مُتَكَثِّرَةٌ وَلَا أَقَلَّ مِنْ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَإِضَاعَةِ الْأَمْوَالِ وَبَعْضُهُمْ أَيَّدَهُ بِمَنَامَاتِ الصَّالِحِينَ بَلْ بِمُشَاهَدَةِ الْأَحْوَالِ الْعَجِيبَةِ عِنْدَ نَبْشِ قَبْرِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِالدُّخَانِ كَتَغْيِيرِ صُورَتِهِ وَتَبْدِيلِ صُورَتِهِ وَآلَتِهِ فِي فَمِهِ مَعَ مَلْءِ قَبْرِهِ بِالدُّخَانِ عَلَى مَا ادَّعُوا حَسُنَ ذَلِكَ بِاشْتِهَارِ أَخْبَارِ الثِّقَاتِ وَهَكَذَا لَكِنْ لَعَلَّ الْحَقَّ الْجَامِعَ مَا حَرَّرْت فِيمَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ أَمْرَ الدُّخَانِ شَيْءٌ كَثُرَ فِيهِ الْفَتَاوَى وَالْقِيلُ وَالْقَالُ إلَى أَنْ تَحَيَّرَ الْخَوَاصُّ فَضْلًا عَنْ الْعَوَامّ إذْ ذَهَبَ بَعْضٌ إلَى إبَاحَتِهِ وَبَعْضٌ إلَى حَظْرِيَّتِهِ فَتَبَيَّنَ الْحَقُّ بِبَيَانِ أَدِلَّةِ الْفَرِيقَيْنِ ثُمَّ تَرْجِيحِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَأَقْوَى أَدِلَّةِ الْفِرْقَةِ الْأُولَى الْحَظْرُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَذَا إمَّا مَعْلُومٌ مِنْ الشَّرْعِ بِالْبَدَاهَةِ أَوْ بِالِاسْتِدْلَالِ وَالْأَوَّلُ مُنْتَفٍ بِالضَّرُورَةِ.
وَكَذَا الثَّانِي إذْ النَّظَرُ إمَّا مِنْ مُجْتَهِدٍ وَهُوَ مُنْتَفٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ رِوَايَةً وَلَا دِرَايَةً وَقَدْ انْقَرَضَ فَلَا احْتِمَالَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذْ لَا اعْتِبَارَ لِنَظَرِ الْغَيْرِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ فَبَقِيَ عَلَى الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمَّا الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فَاسْتَدَلُّوا بِنَحْوِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَذَى وَالْإِسْرَافِ وَالْإِضْرَارِ وَنَحْوِهَا فَلَعَلَّ الْحَقَّ مَعَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ إذْ الْمَطْلَبُ ظَنِّيٌّ فَلَوْ فُرِضَ وُرُودُ الْمَنْعِ عَلَى أَفْرَادِ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ فَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ الظَّنِّيَّةِ وَلَوْ سَلِمَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي إفَادَةِ مَجْمُوعِهَا قُوَّةً صَالِحَةً لِمُرَادِ الْمَقَامِ وَأَمْرُ انْقِرَاضِ الْمُجْتَهِدِ اخْتِلَافِيٌّ بَلْ الْمُجْتَهَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ مُمْكِنٌ فِي عَصْرٍ مَا لَوْ سَلِمَ عَدَمُ ثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ مُجْتَهِدٍ مَا صَرِيحًا لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ صُدُورِهِ عَنْهُ مُطْلَقًا إذْ يَجُوزُ دُخُولُ الدُّخَانِ تَحْتَ قَاعِدَتِهِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي صَدَرَتْ عَنْهُ صَرِيحًا وَأَنَّ لِنَظَرِ الْعُلَمَاءِ الْعَامِّيِّ مَدْخَلًا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَدَلَالَةِ النَّصِّ.
ثُمَّ نَقُولُ أَيْضًا إنَّهُ لَا أَقَلَّ مِنْ إيرَاثِ شُبْهَةٍ بِهَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ وَالْحُرُمَاتُ تَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبْهَةِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ» وَأَيْضًا يُرَجَّحُ النَّظَرُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَيُقَدَّمُ قَوْلُ الْعَالِمِ وَالْمُتَوَرِّعِ وَالْأَعْلَمِ عِنْدَ تَعَارُضِ أَقْوَالِهِمْ، وَالْإِنْصَافُ أَنَّ ذَلِكَ فِي جَانِبِ الْحَظْرِيَّةِ وَأَيْضًا قَالُوا الْإِصْرَارُ عَلَى الْمُبَاحِ صَغِيرَةٌ فَلَوْ سَلِمَ إبَاحَتُهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا شَكَّ فِي إصْرَارِ مُبْتَلِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ فِي أَصْلِ الْمُبَاحِ حِسَابًا وَأَيْضًا لَا شَكَّ أَنَّهُ فِي الْفَسَقَةِ أَشْيَعُ وَأَشْهَرُ فَاسْتِعْمَالُ غَيْرِهِمْ تَشْبِيهٌ بِهِمْ وَأَيْضًا الِاحْتِيَاطُ فِي الْإِنْفَاقِ وَقَدْ سَمِعْت مِنْ ذَلِكَ سَابِقًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 4  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست