responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 4  صفحه : 58
قَوْلُهُ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ} [النور: 30] إلَى آخِرِهِ مِنْ قَبِيلِ الْأَمْرِ بِالْأَمْرِ وَقُرِّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّا الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ لَيْسَ بِالْحَقِيقَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ» فَتَأَمَّلْ حَتَّى يَظْهَرَ الْجَوَابُ ثُمَّ لَا شَكَّ أَنَّ بَعْضِيَّةَ غَضِّ الْبَصَرِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ كَوْنِ كَلِمَةِ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَقُولُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْقُبْهَا الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ إلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَإِنْ دَلَّتْ بِعِبَارَتِهَا عَلَى النِّسْوَانِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْصُودَ دَلَالَتُهَا عَلَى الرِّجَالِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِ التَّبْعِيضِ حَتَّى يَسْتَقِيمَ الِاسْتِثْنَاءُ وَحَمْلُ اسْتِفَادَةِ التَّبْعِيضِ عَلَى مَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بَعِيدٌ بِالنَّظَرِ إلَى السَّوْقِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِ الْمُقَامِ فَتَأَمَّلْ جِدًّا أَيْضًا (أَعْنِي مَا كَانَ نَحْوَ الْمُحَرَّمِ وَتَنْبِيهٌ عَلَى فَائِدَةِ الْغَضِّ وَهِيَ التَّزْكِيَةُ وَالطَّهَارَةُ) مِنْ قَوْلِهِ {أَزْكَى لَهُمْ} [النور: 30] (لِلْقُلُوبِ) إذْ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُحَرَّمِ يَتَحَصَّلُ تَشَهٍّ وَمَيْلٌ وَتَرَقُّبُ فُرْصَةِ مَعْصِيَةٍ فِي الْقَلْبِ (أَوْ تَكْثِيرُ الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ) عَلَى أَحَدِ احْتِمَالِ قَوْلِهِ {أَزْكَى} [النور: 30] .
وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ مَضْمُونُ قَوْلِهِ {ذَلِكَ أَزْكَى} [النور: 30] عِلَّةً لِلنَّهْيِ فَتَكُونَ مِنْ النُّصُوصِ الْمُعَلِّلَةِ الْمُوجِبَةِ لِتَأْكِيدِ الْحُكْمِ (إذْ بِالنَّظَرِ) إلَى الْمُحَرَّمِ (تَحْصُلُ خَوَاطِرُ تَشْغَلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى) بَلْ خَوَاطِرُ تُوجِبُ الْمُؤَاخَذَةَ كَالنِّيَّةِ الْمُصَمِّمَةِ عَلَى فِعْلِ الْفَسَادِ (وَيَفُوتُ حُضُورُ الْقَلْبِ وَجَمْعِيَّةُ الْخَاطِرِ) عَلَيْهِ لِاشْتِغَالِهِ بِمَا يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ النَّظَرِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: 36]- لَعَلَّ الْمُرَادَ بِحُضُورِ الْقَلْبِ وَجَمْعِيَّةِ الْخَاطِرِ هُوَ الِاسْتِغْرَاقُ فِي مُلَاحَظَةِ جَلَالِهِ وَجَمَالِهِ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِمَا الْمُحَاسَبَةُ وَالْمُرَاقَبَةُ الْمُشَارُ إلَيْهِمَا فِيمَا مَرَّ قَالَ فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ اعْلَمْ أَنَّ التَّاجِرَ يَسْتَعِينُ بِشَرِيكِهِ فَيُشَارِطُهُ أَوَّلًا ثُمَّ يُرَاقِبُهُ ثَانِيًا ثُمَّ يُحَاسِبُهُ ثَالِثًا ثُمَّ يُعَاقِبُهُ رَابِعًا كَذَلِكَ الْعَقْلُ هُوَ التَّاجِرُ فِي مَتَاعِ الْآخِرَةِ وَشَرِيكُهُ النَّفْسُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحَاسِبَهَا الْآنَ، كُلُّ نَفَسٍ مِنْ أَنْفَاسِ الْعُمْرِ جَوْهَرَةٌ نَفْسِيَّةٌ لَا عِوَضَ لَهَا يُمْكِنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا كُنُوزًا لَا تَتَنَاهَى أَبَدَ الْآبَادِ فَيَقُولَ فِي صَبِيحَةِ كُلِّ يَوْمٍ مَالِي بِضَاعَةٌ إلَّا الْعُمْرُ فَمَهْمَا فُقِدَ فَنِيَ رَأْسُ الْمَالِ وَوَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ التِّجَارَةِ وَهَذَا الْيَوْمُ الْجَدِيدُ قَدْ أَمْهَلَنِي اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَأَنْسَأَ لِي أَجْلَى وَلَوْ تَوَفَّانِي لَكُنْت أَتَمَنَّى أَنْ يُرْجِعَنِي إلَى الدُّنْيَا يَوْمًا وَاحِدًا أَعْمَلُ فِيهِ صَالِحًا فَإِيَّاكَ ثُمَّ إيَّاكَ أَنْ تُضَيِّعَ هَذَا الْيَوْمَ فَإِنَّ كُلَّ نَفَسٍ جَوْهَرَةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ وَصِيَّةً فِي أَعْضَائِهِ السَّبْعَةِ وَيُسَلِّمُهَا إلَيْهَا فَإِنَّهَا رَعَايَا خَادِمَةٌ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ صَارَتْ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ لِجَهَنَّمَ أَمَّا الْعَيْنُ فَيَحْفَظُهَا عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ بَلْ عَنْ الْفُضُولِ فَإِنَّهَا مَسْئُولَةٌ عَنْ فُضُولِ كُلِّ كَلَامٍ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِصَرْفِهَا إلَى مَا خُلِقَتْ هِيَ لَهُ وَكَذَا سَائِرُ السَّبْعَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُرَاقَبَةِ مُرَاعَاةُ الْقَلْبِ لِلرَّقِيبِ وَاشْتِغَالُهُ بِهِ وَالْتِفَاتُهُ إلَيْهِ وَلَا يَتِمُّ هَذَا إلَّا بِمَعْرِفَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى الضَّمَائِرِ عَالِمٌ بِالسَّرَائِرِ رَقِيبٌ بِالْأَعْمَالِ وَإِذَا اسْتَوْلَتْ عَلَى الْقَلْبِ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ مَالَتْ إلَى جَانِبِ مُلَاحَظَتِهِ، وَالْمُوَافِقُونَ لِهَذِهِ الْمَعْرِفَةِ هُمْ الْمُقَرَّبُونَ الْمُنْقَسِمُونَ إلَى الصِّدِّيقِينَ وَإِلَى صَاحِبِ الْيَمِينِ.
وَأَمَّا مُرَاقَبَةُ الصِّدِّيقِينَ فَهِيَ مُرَاقَبَةُ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ بِأَنْ يَسْتَغْرِقَ قَلْبُهُ فِي مُلَاحَظَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَيَصِيرَ مُنْكَسِرًا تَحْتَ الْهَيْبَةِ فَلَا يَبْقَى مَعَهُ مُتَّسَعٌ لِلْغَيْرِ أَصْلًا وَتَبْقَى جَوَارِحُهُ مُتَعَطِّلَةً عَنْ الْمُنَاجَاةِ فَضْلًا عَنْ الْمَحْظُورَاتِ وَمِثْلُ هَذَا يَغْفُلُ عَنْ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ حَتَّى لَا يُبْصِرُ مَنْ عِنْدَهُ وَعَيْنُهُ نَاظِرَةٌ إلَيْهِ وَلَا يَسْمَعُ الْكَلَامَ وَلَيْسَ بِهِ صَمَمٌ وَقَدْ يَمُرُّ عَلَى ابْنِهِ وَلَا يُكَلِّمُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِمَنْ عَاتَبَهُ عَلَى عَدَمِ الِالْتِفَاتِ إذَا مَرَرْت بِي فَحَرِّكْنِي وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى مُرَاقَبَةِ لِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ إذْ لَا يَتَحَرَّك إلَّا بِمَا هُوَ فِيهِ وَأَمَّا مُرَاقَبَةُ الْوَرِعِينَ وَهُمْ قَوْمٌ غَلَبَتْ مُطَالَعَةُ جَمَالِ اللَّهِ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَبَوَاطِنِهِمْ وَظَوَاهِرِهِمْ وَلَكِنْ لَمْ يُدْهِشْهُمْ ذَلِكَ بَلْ بَقِيَتْ قُلُوبُهُمْ عَلَى حَدِّ الِاعْتِدَالِ يَجْمَعُونَ بَيْنَ مُمَارَسَةِ الْأَعْمَالِ وَالْمُرَاقَبَةِ بِغَلَبَةِ الْحَيَاءِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَيَثْبُتُ فِيهِ فَيَفِرُّ مِنْ الْفَضِيحَةِ فِي الْقِيَامَةِ (وَتَدْعُوك إلَى أُمُورٍ مُحَرَّمَةٍ وَيَجِدُ الشَّيْطَانُ حِينَئِذٍ فُرْصَةً) إذْ هُوَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إبْلِيسَ يَصِيدُ بِهِ عِبَادَهُ (وَطَرِيقًا إلَى الْإِضْلَالِ وَيَمْلَأُ

نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 4  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست