responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 1  صفحه : 8
فَإِنَّ كُلَّ أُمَّةٍ جَمَاعَةٌ لِنَبِيِّهِمْ وَالنَّبِيُّ إمَامُهُمْ (وَسَطًا) بِالتَّحْرِيكِ أَيْ عَدْلًا كَمَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى - {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]-.
وَأَيْضًا فِي الْقَامُوسِ أَيْ عَدْلًا خِيَارًا وَفِي تَرْجَمَةِ الصِّحَاحِ جَعَلَ كُلَّ شَيْءٍ عَلَى مَا يَنْبَغِي كَأَنَّهُ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَالْعَدَالَةُ إنَّمَا تَظْهَرُ وَتُعْتَدُّ بِالتَّزْكِيَةِ وَمُزَكِّيهِمْ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ وَالصَّلَاحُ وَالدَّعَةُ وَمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ الَّذِي فُسِّرَ بِالْعَدَالَةِ هُنَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاءُ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ أَوْ لِتَسَاوِي الْحِكَمِ النَّظَرِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ الْمَشْرُوعَةِ لَهُمْ.
وَأَمَّا فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ قَدْ يَغْلِبُ جَانِبُ الْعَمَلِيَّةِ وَقَدْ يَغْلِبُ جَانِبُ النَّظَرِيَّةِ قِيلَ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي كَوْنِهَا خَاتَمَ الشَّرِيعَةِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَدَالَةَ إمَّا لِلْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَشْرَفِ الْأَجْزَاءِ وَإِلَّا فَبِاعْتِبَارِ الْكُلِّ الْإِفْرَادِيِّ مُشْكِلٌ ثُمَّ فِيهِ تَنْبِيهٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ادَّعَى الْإِفْرَاطَ وَكَذَا التَّفْرِيطَ فِي الشَّرِيعَةِ وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ مُبَيِّنُ ذَلِكَ التَّوَسُّطِ الْأَصْلِيِّ الشَّرْعِيِّ وَأَيْضًا لَا يَبْعُدُ أَنْ يُشَارَ بِهِ إلَى الْأُمُورِ الَّتِي اخْتَارَ فِيهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ طَرِيقَةَ التَّوَسُّطِ كَالْجَبْرِ الْمُتَوَسِّطِ فِي قَاعِدَةِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَفِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ بَلْ فِي قَاعِدَةِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ الْمُفَصَّلَةِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ فَفِيهِ إشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إلَى إمْكَانِ دَلِيلِ الْمَسَائِلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَرَدٌّ لَطِيفٌ إلَى مُخَالِفِ الْمَسَائِلِ وَلَوْ كَانَ الْأَشْعَرِيُّ وَنَوْعُ بَرَاعَةِ اسْتِهْلَالٍ لِكُلِّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّوَسُّطِ وَتِلْكَ الْمَسَائِلِ ثُمَّ قِيلَ هَذَا اقْتِبَاسٌ مِنْ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ.
أَقُولُ الِاقْتِبَاسُ إمَّا بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ تَغْيِيرٌ أَوْ يَكُونَ يَسِيرًا وَذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِضَرُورَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّغْيِيرَ هُنَا لَيْسَ بِيَسِيرٍ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَيْسَ هُنَا ضَرُورَةٌ إذْ هِيَ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ النَّحْوِ وَزْنٌ أَوْ قَافِيَةٌ فَالْأَوْلَى أَنَّ مَا وُجِدَ فِيهِ نَحْوُ الِاقْتِصَاصِ الْمُفَسِّرِ بِكَوْنِ كَلَامٍ فِي صُورَةٍ مُقْتَصًّا مِنْ كَلَامٍ آخَرَ فِي صُورَةٍ أُخْرَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51] مُقْتَصٌّ مِنْ قَوْله تَعَالَى - {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 21]- كَمَا فِي الْإِتْقَانِ عَنْ ابْنِ فَارِسٍ (خَيْرَ أُمَمٍ) قِيلَ أَيْضًا هَذَا اقْتِبَاسٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى - {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]-.
أَقُولُ الْكَلَامُ كَالْكَلَامِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ بَعْدَ صِحَّةِ الِاقْتِبَاسِ بِمُجَرَّدِ قَيْدٍ مِنْ الْكَلَامِ بَلْ الظَّاهِرُ مِنْ تَحْرِيرِهِمْ لُزُومُ أَصْلِ الْكَلَامِ ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنْ خَيْرِيَّتِهِمْ مَا هُوَ مِنْ النِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ الْأُمَمِ لِكَوْنِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْرَمَ الْبَشَرِ وَسَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَأَفْضَلَ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً وَأَقْرَبَهُمْ زُلْفَى بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي شِفَاءِ عِيَاضٍ وَقِيلَ لِكَوْنِ دِينِهِمْ خَيْرَ الْأَدْيَانِ لِأَنَّهُ رُفِعَ عَنْهُمْ الْإِصْرُ وَالْأَغْلَالُ الَّذِي كُلِّفَ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ مِنْ بَخْعِ النَّفْسِ فِي التَّوْبَةِ وَقَطْعِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَخَمْسِينَ صَلَاةً فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَتَحْرِيمِ الْحَلَالِ عِنْدَ مَعْصِيَةٍ.
قَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِهِمْ {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ» وَأَيْضًا حُفِظُوا مِنْ نَحْوِ الْمَسْخِ وَالْخَسْفِ الَّذِي عُوقِبَ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَقِيلَ لِكَوْنِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أَكْثَرَ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فِيهِمْ أَوْفَرَ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَحْسَنَ إلَيْهِمْ بِمُقَابَلَةِ قَلِيلِ أَعْمَالِهِمْ ثَوَابًا عَظِيمًا وَأَكْرَمَهُمْ بِنَحْوِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالْجُمُعَةِ خُصُوصًا وَقْتُهَا الْمَعْهُودُ.
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ نَازِلَةٌ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُقَاتِلٍ فِي حَقِّ نَحْوِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حِينَ فَضَّلَ بَعْضُ الْيَهُودِ دِينَهُمْ عَنْ دِينِنَا فَكَيْفَ يَعُمُّ الْخَيْرِيَّةَ عَلَى جَمِيعِنَا حَتَّى يَصْلُحَ لَأَنْ يَكُونَ مَحْمُودًا عَلَيْهِ هُنَا وَقَدْ خَصَّ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْآيَةَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الْمُهَاجِرِينَ بِرِوَايَةٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي» الْحَدِيثَ.
فَإِنْ قِيلَ لَا عِبْرَةَ بِخُصُوصِ السَّبَبِ بَلْ بِعُمُومِ اللَّفْظِ قُلْنَا لَا عُمُومَ هُنَا لِأَنَّ كُنْتُمْ لَيْسَ عَامًّا بَلْ قَالُوا إنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَكُنْ عَامًّا فَمُخْتَصٌّ بِهِ قَطْعًا وَمَثَّلَ لَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ قَوْله تَعَالَى فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]- مُسْتَدِلًّا بِهِ عَلَى حَصْرِ الْأَفْضَلِيَّةِ لَهُ وَدَفَعَ وَهْمَ تَسَاوِي مَنْ عَمِلَ عَمَلَهُ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ بِعَدَمِ الْعُمُومِ إذْ اللَّامُ لِلْعَهْدِ

نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 1  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست